الذي فاز بمنصب الرئيس في مصر، أمس الأول، ليس «إخوانياََ» أو سلفياََ أو ليبرالياََ أو ماركسياً. الذي فاز كان «مصرياََ» جاء من وسط زحام المصريين. ولذا فمن البساطة، أو التبسيط، اعتبار كل من فرح بفوز محمد مرسي هو «إخواني»، والحال كذلك عند اعتبار كل من أيّد أحمد شفيق معادياََ للدين. الذين فرحوا بفوز محمد مرسي هم: «إخوان مسلمون»، وإسلاميون ليسوا «إخواناً مسلمين»، ومسلمون ليسوا إسلاميين، ووطنيون أقباط ليسوا مسلمين، وثوريون ليس في أجندتهم لا الإسلام ولا القبطية، ومواطنون اعتياديون يريدون التغيير. وعلى المنوال ذاته يمكن رسم طيف المؤيدين لأحمد شفيق أو بالأصح، المستائين من فوز مرسي. والذين فرحوا بنتيجة الانتخابات ليسوا كلهم يريدون الدولة الدينية أن تحكم مصر، وإلاّ لما رأينا ملتحين ومحجبات يؤيدون شفيق وحليقين وسافرات يؤيدون مرسي. في داخل كل ناخب مصري ذهب إلى صندوق الاقتراع كانت توجد شخوص عدة في جسد واحد: الشخصية الدينية والشخصية الوطنية والشخصية النفعية والشخصية العبثية. وهكذا هي صفات كل ناخب ديموقراطي في أي بلد. يختلف طغيان شخصية عن أخرى وفق نضج التجرية الديموقراطية ووفق المناخ الشعبي المهيمن. من خلال النسبة المتقاربة لمرشحَيْ الرئاسة المصرية يتضح أن كثيراً من شباب الثورة المصرية لم يكن يرغب في أن تذهب رئاسة مصر إلى «حزب» الاخوان المسلمين، لكنهم أُسقط في يدهم حين وجدوا أنفسهم أمام خيارين فقط: الإخوان أو الخُوّان (من فلول النظام السابق)! ناخبون صوّتوا ضمن صيغة: هذا أحبه وهذا لا أحبه، آخرون صوتوا تحت سقف: هذا أكرهه وهذا لا أكرهه. الأرقام المتقاربة في التصويت للمرشحيْن في بلد عُرف شعبه بالتديّن، لم يكن مردّها نجاح حملة شفيق في غسل يديه من ولائم النظام السابق، بل فشل حملة مرسي في تطمين الشعب بأن مصر لن تتحول إلى دولة دينية / حزبية / أحادية. هذا القلق سيظل قائماََ عند 48 في المئة من الشعب المصري حتى يثبت الرئيس المصري محمد مرسي أنه تحرر من شرنقة «الاخوان المسلمين»، وأنه انتقل من خصوصية «مسمى» الاسلاميين إلى عمومية «اسم» المسلمين (هو سمّاكم المسلمين) الآية 78 من سورة «الحج»، ليصبح محمد مرسي هو الرئيس المصري المسلم لكل المصريين... مسلمين وغير مسلمين. إذا لم يستطع الرئيس المصري الجديد تحقيق هذه التوازنات الوطنية، إما بسبب الخضوع لمطالب ومطامع الحزب «الإخواني» الواحد، أو في المقابل، بالخضوع لنفوذ ومطالب المجلس العسكري «المتين»، فسيصبح من الواجب تأجيل الإعلان أن: مصر أصبحت بلا فرعون!