في دوران عجلة الحياة تواجهنا الكثير من المشكلات والمصاعب والظروف القاسية التي غالبا ما نحتاج فيها لصديق أو قريب ليكون بجانبنا، نبكي على كتفه ويساندنا في محنتنا ويرشدنا للطريق الصواب، كذلك بحسب اعتقادي أننا جميعا في مثل تلك المحطات قد لعبنا دور المستمع يوما ودور القاضي أياما أخرى. وكثير من الناس يظنون أن دور المستمع دور سهل وبسيط بينما هو في الواقع عكس ذلك تماما، فهذا الدور يحتاج لكثير من الحكمة والتفهم والتعقل وعدم القفز لاستنتاج النهايات، لأنه من المؤسف أن سرد الهموم والأحزان كثيرا ما يتحول إلى هم جديد بسبب الصراع الذي نخوضه مع الشخص الذي شكونا له والذي غالبا ما يزيد الهم هما. وسر زيادة الهم هو أن المستمع غالبا ما يتعجل في إطلاق الأحكام ضد الأفعال التي يستمع إليها ولا يراعي الأوضاع التي اضطر معها للقيام بالفعل غير المقبول الذي ليس بالضرورة أن يكون كذلك عند الكل. هذا بالإضافة إلى تحميل اللوم والعواقب للضحية بدلا من التخفيف عنها وإشعارها بأن ما حصل يمكن تعويضه بطريقة أو بأخرى. ومن الملاحظ أن أكثر الحالات التي تتعرض لمثل هذه المواقف هم ضحايا العنف الأسري والإدمان بكل أنواعه. ودائما ما أتذكر أستاذة لي في المدرسة كانوا دائما يرددون على مسامعنا تلك المقولة الشهيرة التي تقول: «إن الله خلقنا بأذنين ولسان واحد لنسمع أكثر مما نتكلم» . وهذا ما يخطر ببالي حين يأتي أي شخص ليخبرني بشيء ما فعلينا دائما أن نصغي للضحية ونعطيها الوقت الكافي لاستخراج مكنونات النفس وغالبا ما يكون من الأفضل أن نؤجل إعطاء النصائح إلى ما بعد زوال الزوبعة، والأهم هو الابتعاد عن التسرع في إطلاق الأحكام حتى تتمكن الضحية من استيعاب الموقف والقدرة على المواجهة بدلا من توجيه اللوم والعتاب والظهور بمظهر الفيلسوف الحكيم.. وأكثر ما يجب أن نتذكره هو أن نكون حكماء لا قضاة. * كاتبة سعودية.