ديوان المظالم السعودي حسم أمره ورفض استئناف قرار قضائي نص على دفع 152.700 ريال، والمبلغ قرر كتعويض لمواطن حبس خطأ لمدة أربع سنوات وتسعة أشهر، في حين أن عقوبته لا تتجاوز تسعة أشهر، وصاحب الدعوى طالب في البداية بعشرة ملايين ريال، لأن الحبس الخطأ تسبب له بمتاعب نفسية، وقد انتقد الحكم النهائي ورأى أنه لم يكن منصفا. القرار المذكور ألزم الشرطة وحدها بالتعويض، رغم التأكيد على سلامة ونظامية إجراءاتها، وأنها لم توقف صاحب الدعوى أكثر من سبعة عشر يوما، قبل إحالة أوراقه لجهات الاختصاص، والأخيرة قدمت أسباباً وجيهة أخرجتها من هذا الحرج، و لم تتوفر أدلة كافية لإدانتها. كل ما ذكر منشور في الصحافة المحلية، وحاولت حساب قيمة التعويض فوجدت أنها مئة وستة ريالات يومياً، و3.181 ريالا شهرياً، و38.175 ريالا سنويا، وبالمقارنة مع مكافأة العاطلين عن العمل والحد الأدنى لرواتب العاملين في الدولة، سنلاحظ أن الرجل حصل على زيادة شهرية تجاوزت الألف ريال في الأولى والمئة ريال في الثانية، وتمت معاملته وكأنه موظف في السجن وليس محبوساً فيه، وأتصور أن العاطلين والعاطلات يتمنون الحصول على فرصة مشابهة ولو كانت بالخطأ وفي زنزانة ضيقة، وطبعاً مبلغ العشرة ملايين غير معقول، ولا يمكن قبوله بدون قانون أو سوابق قريبة في شكلها وموضوعها، فصاحب الدعوى يطلب ستة آلاف وستمائة وكسور عن كل يوم حبس، وما يصل إلى مائتين وثمانية آلاف شهريا ومليونين وخمسمائة ألف سنويا، والسابق امتياز لا يتمتع به كبار الموظفين في الدولة، وسيفتح باباً واسعا لتعمد الخطأ والمطالبة بتعويضات مليونية، واعتقد أن اجتهاد القاضي ورفض الاستئناف كان موفقا. في المقابل صدر بيان إلكتروني يتهم مدينة جدة بأنها مركز للإلحاد في السعودية، ووقعت عليه شخصيات محسوبة على تيار التشدد إن جاز التعبير، وفي التصرف خطأ كبير وجناية واضحة بحق سكانها، وعددهم يتجاوز الثلاثة ملايين وأربعمائة ألف نسمة، وفيهم الصالح وغيره، والتعميم لا يجوز، وقد استهجن سماحة المفتي هذا التجاوز، والواجب أن يرفع أهل جدة تظلما يطالبون فيه الموقعين على البيان تحديدا بالتعويض أسوة بصاحب الدعوى المذكورة، وبحيث لا يقل المطلوب دفعه عن ثلاثة مليارات وستمائة مليون لكل يوم عرض فيه البيان على الإنترنت، حتى لا يتجرأ مأزوم ويتهم الآخرين كيفما اتفق، فالثابت أن الناس لا يفهمون إلا إذا تضررت مصالحهم بشكل مباشر، والاعتذار بالكلمة أو بالتصريح المتلفز أو المذاع لن يمنع التكرار، وقد حدث التكرار فعلا في بعض القضايا، ولا يعقل بأي حال أن تتهم مدينة كاملة استناداً لحالات فردية لم يثبت تورطها بشكل قاطع، والأصعب إصرار من يتهم على التهمة الملفقة واستمراره فيها. هناك حدود للإثارة ووصولها لدرجة التكفير والاتهام في العقيدة، وتقسيم المجتمع إلى تيارات وطوائف لا وجود لها في الواقع، لا يحتمل السكوت ولا ينبغي أن يمر مرور الكرام، فمن يستسهل إخراج المختلفين أو المخالفين له من الدين لن يتحرج في القيام بتهور أكبر.