من التقاليد المعهودة في الصحافة السعودية أن يرفع الصحفيون الشداة القبعة للصحفيين الآباء، ولكن هذا التقليد الذي تم تطبيقه بالحذافير على هيئة الصحفيين السعوديين أفرز هيئة كسيحة مثقلة بإعياء الكبار، حتى أصبح دورها في مسيرة الصحافة السعودية متواضعا إلى حد كبير. نحن نعرف في كل دول العالم أن انتخابات نقابة الصحفيين من الانتخابات المجلجلة ذات الأصداء الواسعة في كل الدهاليز والأندية ويسمع الجميع قرقعة وأصداء هذه الانتخابات في كل أنحاء المجتمع. ولكن بالنسبة لانتخابات هيئة الصحفيين السعوديين فنحن لا نسمع شيئا من القرقعة ولا الفرقعة، بل دائماً نسمع أن الانتخابات تمت في هدوء وسلاسة وسيولة، ولذلك فإن البعض يوصف هيئة الصحفيين السعوديين بأنها جمعية تفتقر إلى ثقافة النقابات المهنية، وكان يجب على مجلس الإدارة أن يسعى إلى وضع قواعد جديدة تعمل على توسيع المنافسة على مقاعد مجلس الإدارة، ويجب ألا يغرب عن بالنا أن مؤسسات الأعمال العصرية تفتح أبواب الترشح للعضوية بالتناوب بين أعضاء الهيئة حتى لا تكون عضوية مجلس الإدارة حكراً على الكبار فقط، لا سيما ونحن نرى أن معظم الصحافيين يتهربون من الترشح بحجة أن الهيئة في قبضة الكبار وأنه ليس لديهم فرصة، وأن الهيئة ليس لها دور ولم تقدم شيئاً للصحفيين، وأنا أخشى أن يأتي يوم ويقول شباب المستقبل إنهم استلموا جمعية تعاونية وليست هيئة صحفية مهنية. ولذلك فإن من صحيح القول إن هيئة الصحفيين السعوديين لم يكن لها دور فيما وصلت إليه الصحافة السعودية التي استطاعت بجهد ذاتي أن تقفز لتكون أقوى صحافة عربية على مستوى الوطن العربي الكبير، رغم أن المفروض أن يكون للهيئة أكبر دور في هذا الإنجاز المبهر، ونؤكد بكل صراحة أن الصحافة السعودية أقوى بكثير من هيئة لم تقدم للصحفيين ما يدفعهم إلى مزيد من الإنجاز. إن نقابة الصحفيين في كل دول العالم من أقوى النقابات التي تقوم بدور مهم ومؤثر في المجتمعات، أمّا هيئة الصحفيين السعوديين فإنها تعمل على قاعدة ""ليس في الإمكان أبدع مما كان""، ولنقرأ ما يهتم به المسؤولون في مجلس إدارة هيئة الصحفيين، يقول الزميل الدكتور عبد الله الجحلان أمين عام هيئة الصحفيين السعوديين والمتحدث الرسمي باسم الهيئة: إن التغيير في أسماء المرشحين لانتخابات عضوية مجلس الإدارة وارد، وهو طبيعي ويحدث في كل دورة، إلاّ أن التغيير في هذه الدورة جاء أكثر من السابق لاعتبارات متعددة أهمها تغير أنشطة وظروف عمل الزملاء الأعضاء في المجلس الحالي، ولكن الواضح أن التغيير في الدورة الثالثة لم يكن كبيراً وإنما هو تغيير طفيف لا يقدم ولا يؤخر في مسيرة الهيئة. وقال الزميل الجحلان: إن الدورة الثالثة ستشهد منافسة بين 17 مرشحاً بعد أن انسحب مرشحان من القائمة أحدهما بسبب إجراءات قانونية تتعلق بشرط التفرغ لأكثر من ثلاث سنوات والآخر لأسباب شخصية تتعلق بأنه يشعر أنه لا يستطيع أن يقدم جديداً، وأكد الجحلان أن دور الصحفيين الشباب لا يزال دون تطلعات الصحفيين ومجلس الإدارة، كما أشار الجحلان إلى أن مشاركة الصحفيين السعوديين في لجان الهيئة متواضعة وهي أقل من المطلوب، وزاد: لا يمكن لأعضاء مجلس الإدارة أن يقوموا بكل الأدوار المنوطة به. ولم يستعرض الأمين العام لهيئة الصحفيين الإنجازات التي حققها مجلس الإدارة في الفترة السابقة، ولم يستعرض التطورات المميزة التي أضافها مجلس الإدارة إلى قضية حرية الرأي والإبداع، ولم يتحدث عن التطلعات التي يسعى إلى تحقيقها بما ينافس بها النقابات المماثلة في الدول الشقيقة والصديقة، كما أن الزميل العزيز لم يتطرق إلى البرامج التي كلفت بها اللائحة التنفيذية هيئة الصحفيين ومنها العناية بشؤون الصحفيين وخدمة مصالحهم المشتركة وتوثيق العلاقات بينهم بما يكفل الارتقاء بمستوى المهنة وتنمية قدرات منسوبيها، كما أن اللائحة التنفيذية تطالب مجلس إدارة الهيئة بتنظيم وتنشيط وتطوير النشاط المهني للعاملين في الحقل الصحفي، والعمل على الارتقاء بمستوى المهنة وتنمية قدرات العاملين في هذا الحقل، كذلك لم يتطرق حديث الزميل الأمين العام لهيئة الصحفيين إلى الجهود التي بذلت على صعيد صيانة حقوق الصحفيين والدفاع عنهم لدى مختلف الجهات وبالذات الجهات التي عُرف عنها بأنها تتربص بالصحفيين، أكثر من هذا كنت أتمنى ألا أقول إن بعض أعضاء مجلس إدارة الهيئة يديرون أعمالهم من مكاتب الصحيفة التي يرأسونها وليس من مكاتب الهيئة التي يمثلونها، وشتان بين ما توحي به مكاتب الهيئة، وما توحي به مكاتب الصحيفة، بل هما على النقيض من بعضهما البعض، ولذلك كثيراً ما كان الخصم والحكم في قضايا الصحفيين هو ممثل الصحيفة لا ممثل الهيئة! ولذلك كنت أتمنى أن يتقدم الزميل تركي السديري لموظفيه ويطلب منهم أن يتقدموا للانتخابات ويبشرهم بأنه لن يرشح نفسه لأنه يريد الشباب أن يتقدموا، تماماً كما تقدم الزميل خالد المالك وقال إنه لن يترشح للهيئة، وكان حريًّا بالزميل محمد الوعيل أن يفعل الشيء ذاته. كنا أيضاً نريد من الدكتور هاشم عبده هاشم أن يتصرف بمثل هذا المستوى الراقي وأن يترك الهيئة لجيل الشباب دون التقول بأن الهيئة تحتاج إلى الخبرة، الأكثر من هذا فإن مجالس الإدارات في الدورات الثلاث هي في الحقيقة مجلس واحد تم ترقيعه ببعض الصحفيين ممن ليس لهم دور في إدارة الهيئة، ولذلك نقول إن الهيئة تحتاج إلى أعضاء مستقلين من خارج قيادات المؤسسات الصحفية التقليدية، وبكل صراحة إذا كان كل رئيس تحرير يبعث بمحرريه لينتخبوه، فإن شرط النزاهة والشفافية لن يجد طريقه إلى هيئة الصحفيين السعوديين! والخلاصة إن حال الهيئة سيظل على نفس الحال طالما ظل طاقم مجلس الإدارة يبعث بموظفيه كي يكونوا بمثابة سدادات ضد التغيير والتجديد للشباب.