إبراهيم بن سليمان الحيدري - الاقتصادية السعودية في خطوة غير مسبوقة ومبادرة تجاوزت التوقعات قام بعض طالبات كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية باستئجار واحدة من أكبر المدن الترفيهية في مدينة الرياض لمدة يوم واحد، وشجعن الزائرات على الالتزام بالمحتشم من الملابس عند الدخول، المبادرة لاقت استحسان الكثير، وكان الإقبال منقطع النظير. الفكرة لا تبدو تجارية مع أن الزائرات دفعن رسوما رمزية للدخول، ولا دعوية حيث خلت المناسبة من التوجيه والإرشاد المنظم، لكنها في الحقيقة مبادرة تطوعية يحاول من خلالها طالبات الشريعة تسويق قيمة الاحتشام بين النساء ومحاصرة ظاهر اللبس غير المحتشم الذي أصبح يخدش الحياء ويعكر مزاج كثير من العائلات. أحيانا تكون أبعاد الحدث أكبر من الحدث ذاته، ومبادرة طالبات الشريعة التطوعية واحد من هذه الأحايين. من أبعاد هذه المبادرة على سبيل المثال: إبداع الفكرة فلقد اعتاد الناس طَرق موضوع الاحتشام من خلال المحاضرة والكتاب، لكن طالبات الشريعة انتقلن بهذه المبادرة من التنظير إلى الفعل، من الكلام إلى المشروع، ومن الرتابة إلى التجديد، فكان أن حظيت هذه المبادرة بقبول وتقدير كبيرين من قبل نساء المدينة. ومن ذلك أن بنات السعودية مستمرات في ضرب الأمثلة تلو الأمثلة على أنهن أهل لتحمّل المسؤولية برشد وتعقل وأنهن سواعد ناعمة لكنها قوية لبناء تنمية شاملة للمجتمع، ومن ذلك التنمية القيمية: أبرز وأهم قواعد التنمية المستدامة. ولقد أحسن طالبات الشريعة عندما احتضن فكرة (الاحتشام)، فهن من أقرب شرائح المجتمع دراية بكلام الله وسنة نبيه ومن أكثر الناس معرفة بدور القيم في البناء الأخلاقي للمجتمع، وهن بذلك أجدر من يسوق لها بالأفكار والمشاريع. أما البعد الأهم في مبادرة الطالبات فهو تجاوزهن أسوار الجامعة وتمددهن بين المجتمع، متفاعلات في حراك إيجابي مع هموم الناس وحاجاتهم. وهذه خطوة محمودة تلفت الانتباه إلى الدور الرائد المنتظر من جامعات اليوم في خدمة المجتمع. فإضافة إلى البحث والتعليم على الجامعات مهمة تقديم خدمات للمجتمع. وجامعة الإمام غنية برجالاتها، نشيطة بفعالياتها، عريضة في سمعتها، إلا استثمار هذا المخزون غالباً لا يتم إلا في حرم الجامعة وبين أسوارها، وما يتجاوز الأسوار هو جهود فردية مشكورة لمشايخ الجامعة ومفكريها. طالبات الشريعة بمبادرتهن التطوعية هذه يلفتن الانتباه إلى أهمية أن تذهب الجامعة إلى المجتمع بدلاً من الاكتفاء بدعوته إليها، أن تتلمس الجامعة بخبراتها العلمية المتراكمة حاجات المجتمع وتسخر جزءا من مواردها المالية والبشرية لتلبية هذه الحاجات. ولا شك أن تعزيز المبادرات التطوعية المجتمعية لمنسوبي جامعة الإمام من طلاب وطالبات وأعضاء هيئة تدريس، لن يخدم المجتمع فحسب، بل سيخدم رسالة الجامعة ويعزز مكانتها ويثري دورها الريادي.