كنت قد كتبت أن أول شقة اشتريتها كانت في باريس ، حيث اشتريتها بالتقسيط ، وبدون دفعة أولى ، وقبل ذلك سكنت في الرياض في شقة بالإيجار لمدة عشرين عاما ، وجملة المبالغ التي دفعتها كان بالإمكان أن تمكنني من شراء شقة ، ولكن لم يكن هناك نظام للرهون ، أي أن المبالغ التي دفعتها إيجارا ذهبت هدراً ، وهذا ما يفعله جميع المستأجرين حاليا ، مع أن بإمكانهم بدل الإيجار أن يشتروا شقة لو كان هناك نظام رهن ، وفيما أعرف فإن هذا النظام يناقش منذ سنين في مجلس الشورى دون أن يبت فيه ، ولا بد أنه نقاش أو جدل بيزنطي ، وإلا لما استغرق كل هذه المدة دون بت ، صحيح ان الدولة قررت أن تبني 500 ألف مسكن ، ولكن هذا حل للجيل الحالي ، هذا إذا افترضنا أن هذا العدد من المساكن سيلبي حاجة جميع المحتاجين إلى سكن ، ولكن ماذا عن الأجيال القادمة ؟ هل ستبني الدولة 500 ألف مسكن آخر ؟ هذا إذا افترضنا أن دخل البترول سيستمر على وضعه الحالي ، ثم انه ليس من ضمن وظائف الدولة أن تبني مساكن وتملكها ، إن هذه وظيفة البنوك التي لديها دائما فائض من الودائع والادخارات ، يمكن أن تستثمره في الإقراض العقاري ، وهي إن لم تفعل ذلك فليس أمامها إلا الإقراض الاستهلاكي الذي يدمر المجتمع ، أو الاستثمار الخارجي الذي لا يعود بفائدة على البلد ، وصفوة القول اننا لا يمكن أن نحل مشكلة الإسكان في البلد ، وأن نؤمّن لكل موطن مسكناً إلا بنظام الرهن العقاري . أما صندوق التنمية العقاري فإنه لم ينجح نظراً لقلة إمكانياته المادية في حل أزمة السكن .