وجوهٌ نضرة ومستبشرة من الشباب.. آلاف الوجوه. وقوافل من الطاقات المتحمسة للمعرفة والإبداع، وتراها وكأنها محفوفة بالأنوار، وبجوِّ رضىً غامرٍ وتوقعاتٍ فرحة وهم يملأون الدربَ المؤدي إلى ""مركز الملك فهد الثقافي""، الذي هو معلمٌ محترم لفعاليات الفكر والإبداع بأنواعه.. آلاف تقاطروا من أنحاء البلاد، يعلم الله بعضهم كيف وصلوا وماذا تحمّلوا كي يكونوا حاضرين في مؤتمر عالمي نجح في المملكة وتبناه الشبابُ في المناطق والمدن والشركات وحتى المدارس، وهي المؤتمرات المعروفة بتدكس. المؤتمرُ خاص بعرض المبدعين وأصحاب التجارب والتربويين ومدربي تنمية الذات، خبراتهم وجهودهم وأعمالهم في بوتقة إخراجٍ مبهر، ويحرص كل مقدِّم على التفنّن في العرض والإلقاء ونثر جوّ من التشويق والحماسة.. تجمع الشباب في المركز الفخم وتوزعوا في ردهاته وبقي على افتتاح المؤتمر نصفُ ساعةٍ، والأنظار والنفوس متوثبة ومتطلعة وتعُد الوقتَ للبدء والتوجه للقاعة.. وبلا أي توقع.. يخيم شعورٌ مفاجئ كمفاجأة الصاعقة - إعلان: ""تم إلغاء المؤتمر!!"" وترى العيونالشابة تجحظ وبعضها يدمع، وبعضهم غاضبٌ متسائل، والسؤال الأكبر: لماذا؟ لماذا أقفل؟ لا نعلم. لماذا يقفل في هذا الوقت الحرج دون مراعاة لجموع الشباب التي وصلت الرياض من كل فج؟ لا نعلم! لماذا أقفل والجمع في ذروة حماستهم، وقمة استعدادهم؟ لا أحد يعلم! ألم يستحقوا على الأقل إنذاراً من قبل؟ ألا يستحقون اعتباراً حتى لو كان في الأمر التباس ما؟ أيجوز هذا في معقل من معاقل المعرفة، وهو مركز الملك فهد الثقافي مفخرة العاصمة. لو رأى مَن قام بالإلغاء علامات الحزن والأسى والدهشة والغضب والاستنكار على وجوه من تأمل هذه الأمة أن يحملوا حاضرها نقلاً لمستقبلها، ماذا سيكون رد فعله؟ أتوقع أن يكون كردّ فعل أي إنسانٍ له ضميرٌ وعقلٌ وحزمةُ أعصاب. لماذا يوقف مؤتمر شبابي بطابع علميٍّ بحت ""كمؤتمر تحديد التخصص""، وفيه يُعلِّم الشبابُ السابقون الشبابَ الأصغر اللاحقين في كل علم ومعرفة، عن كل علم ومعرفة، فيهتدي البادئون بخطوات معرفية من خبرة مسبقة، مما يسهل عليهم معرفة العلم الذي سوف يتخصصون فيه، ومعلومات عن طريقة وآلية اكتساب معارفه. وهناك من هو مثل الدكتور ""محمد الحارثي"" الذي كتب تغريدة على صفحة المؤتمر، قال فيها الآتي: ""بمناسبة إلغاء مؤتمر تحديد التخصص. أعلن عن تطوعي بساعتين أسبوعياً للقاء شباب من الرياض وتزويدهم بخلاصة تجربة خمس سنوات في القبول والبعثات"". قفوا هنا، انظروا إلى شبابنا كيف أنهم لم يتصرفوا بردّ فعل، ولكنهم أذكياء وعرفوا أن يقضوا أغراضهم بطرائقهم الخاص، فبدل مؤتمرٍ واحد تناثرت فعالياته شعاعا في كل مناطق المملكة، تكونت تجمعات معرفية، الأطباء مع مجامعهم، والصيادلة، والكيميائيون، والمتخصصون في علوم شتى.. يتناقلون العلم من بعضهم والمعرفة والخبرة، فتجد أن الشباب يبتكرون الوسائل ولكننا نحن سنخسر في النظرة التي سيرموننا بها. و""رزان اليوسف"" تقول: ""كان هذا (هاشتاق) عمّا صار للمؤتمر، والآن صار مناراً معرفياً لكل العلوم، وللجميع"" و""نهى اليوسف"" من إدارة المؤتمر كتبت بتغريدةٍ: ""نعمْ للجيل الذي يبحثُ عن التميّز، نعمْ لبناءِ جيلٍ حرٍّ متخصِّص، أثبته شبابُ وفتياتُ هذا الجيل فعلاً، حيث نرى ""رغم كل الظروف"" الإصرارَ على إيصال العلم!"" وقد قالت نُهى كل شيء. وسألني شابٌ في موقع تواصلٍ اجتماعي: ""هل في البلد فوبيا ثقافية شبابية؟"". .. أحيلُ بدوري إليكم ذات السؤال!