* من البديهي أن يكون هناك تعارض ما بين دور الصحافة والمسؤول، فالصحافة تتكلم وتشهد معاناة البعض في هذا المجتمع، وتطرح آمال المواطنين وأمانيهم، وما تتوقعه وترجوه من كل مسؤول قائم بدوره تجاه أمانة مسؤوليته، ودوره الفاعل تجاه مجتمعه، والصحافة بدورها تشرح وتوصل مطالب الناس ومتطلباتهم، وتنقد بشكل متوازن القصور التي قد تراه في بعض الجهات الخدمية لإسعاد المواطن والعمل على راحته وأمانه، والسعي إلى توفير العيش الكريم والمعيشة الرغدة أو الممكنة بمطالب يحسن توفرها بإخلاص وأمانة. وإن كانت الصحافة -أحينًا- (تحترف) الإثارة فذلك شأنها، ولكن ما يعنينا هنا الصحافة الهادفة والجادة، إذ هي منبر بلاغ ووضوح وموضوعية، ذلك أن أهم ما تقوم به الصحافة الموضوعية هي العمل الجاد في مكافحة الفساد والتدليل على مخابئه، وكشف القصور والتساهل والإهمال، وكذلك التكتلات التي تسري في بعض المؤسسات في المجتمع وتؤدي إلى البطالة والتخريب والفقر، فالأنانية تقود إلى المصالح الخاصة دون اعتبار لمعاناة الناس وحاجتهم الماسة لحياة كريمة طيبة.. وتشير بأصابع الاتهام إلى الذين ضاعت أمانتهم واضمحلت ذمتهم، كل ذلك من أجل (الصالح العام) الذي يصلح من خلال معالجة الأوضاع المتردية والمهملة، والوقوف مع الحق من أجل سعادة المواطن ورخاؤه. * إن الصحافة صوت الضمير الذي يهمس في أذن كل مسؤول، لتُذكّره أن عين الله لا تنام، وإن إظهار الحقيقة والوضوح جند من جنده الأمناء المخلصين، وإن العمل من أجل الناس تكليف، وإحصاء درجات في ميزان كل صاحب أمانة مُكلّف بعمله، إما في كفة الحسنات أو في كفة السيئات. * إنها عين الرقيب والسلطة الرابعة؛ يسعد معها المسؤول (الأمين)، الذي لا تبخل عليه الصحافة بذكر محاسنه وأياديه البيضاء، مقيّمة لأدائه وذاكرة لسلوكه وحسن خلقه ومحبته للناس، إذ أن المسؤول والصحافة وجهان لعملة القيمة الحقيقية لتنمية الاقتصاد والأمن والسلام للوطن والمواطن، وخير من يخدم المصالح العامة للشعب حيث إظهار جهوده ومآثره تنعكس إيجابًا بالخير العميم الذي ينال الجميع. * إن الأمانة تقتضي تحري الصدق والدقة والوضوح والمصداقية، فالنقد البناء هو معول بناء وتشييد، وممارسة الصحافة لدورها الفاعل بنضج وإيجابية هو دورها البناء، وسلطتها المسؤولة، والرقابة على كل ذي شأن من شأنه أن يبعث على الخير، ومحاسبة ومتابعة كل مقصر ومتهاون، حيث ما يهم الأمناء هو الرفع من شأن ومستوى الوطن، وذلك برفع قيمة المواطن في وطنه وإكرامه بخيراته.. والله المستعان.