إذا دخلت مطار الملك خالد بعد طول غياب وأصبت بصدمة كبيرة فلا تحزن فقد تكون مطارات العالم قد خرّبت ذوقك وأصبحت تضع شروطاً أعلى ممّا يحتملها مطار دولي كمطار الملك خالد، وإذا فوجئت بأن حقائبك تضيع أو تتأخر عن الوصول دون أي خطاب اعتذار رسمي أو تعويض مالي كبقية الخطوط، فلا تحزن لأن هؤلاء أهلنا وليس بين الأهل حساب. وإن رأيت مواطناً يدخن تحت لوحة ممنوع التدخين فلا تحزن لأن ما يمنع الناس من تجاوز النظام ليس مجرد وضع التعليمات على الجدران بل وجود حارس يراقب تطبيق النظام ويردع مخالفيه. وإن فوجئت بأن أول نقطة تفتيش في مطار دولي كبير ستكون على بعد مترين أو ثلاثة أمتار من بوابة الدخول فلا تحزن فربما يكون السبب أنهم أرادوا أن يتركوا لك المساحة كلها بعد نقطة التفتيش هذه. وإن كنت سيدة واضطرتكِ عقدة التمييز ضد النساء إلى أن تعبري من غرفة تفتيش النساء الإجبارية حتى ولو لم يصفر الجهاز ثم شاهدتِ ستارة غرفة تفتيش النساء التي لا تليق حتى بمنزل رجل فقير فلا تحزني لأن الهندي الذي فصّلها لا يعرف معايير مطار دولي. وإن اكتشفت أن المساحة التي سرقت من مقدم المطار قد أكلتها «دكاكين» خرّبت تنسيق المطار الجمالي فلا تحزن فهذا حرص منهم على أن يوفروا لك بعد كل هذه السنين سوقاً حرة تبيعك شيكولاته وعلك لزوم ما قبل الإقلاع. وإذا دخلت صالة انتظار الدرجة الأولى ولم تجد مقعداً خالياً ودخلت غرفة العوائل الضيقة وهالَك مستوى النظافة المتدني فيها فلا تحزن فكل هذا حفاظاً على خصوصيتك العائلية. وإن ذهبت إلى الحمام وعدت وأنت تقول «يا للهول» فلا تحزن لأن الناس كلهم لا يحتاجون إلى الحمام في رحلاتهم الجوية، وإن رأيت موظفاً يسوق ضيوفاً من اليابان ويتعامل معهم باستهتار ويتندر عليهم مع زملائه بالعربية لأنهم فقط لا يجيدون العربية، فلا تحزن لأن الشعب السعودي حريص على النكتة أمام الجمهور الذي يعرف العربية. وإن لم تجد في المطار صندوقاً أو ملاحظة تحثك على إيصال شكواك أو ملاحظتك للمسؤولين مثل أي مواطن غيور على بلده وعلى خطوطه الوحيدة التي تمثل تحضرنا وأول مكان يستقبل القادمين، فلا تحزن لأنهم لا يشكُّون أبداً في غيرتك على الوطن، فلمَ تتعب نفسك؟! المهم لا تحزن.