ظاهرة غريبة تحتاج للتوقف، ويكفي جداً في نظري المتواضع أن تكتب «ادخل واقرأ المقالة التي منعت من النشر» أو «ادخل لتعرف الفضائح بالتفصيل وبالصور» لتجد عدد القراءات تعدت العدد المتوقع. ينتقل كاتب أو مؤلف الموضوع من كائن إلى آخر، ومن فنانة إلى أخرى، ومن مسؤول إلى آخر لا يتحدث فيها عن أعمالهم الفنية أو تقصيرهم في مسؤوليتهم المهنية أو أفكارهم، بل يتناول حياتهم الشخصية بالهمز تارة وباللمز تارة أخرى، ثم يتوسع فيسب هذا ويشتم ذاك، ويتهم ويؤكد تورط هذا في علاقات مشينة مع فلانة الفلاني، وتورط تلك مع الشخص الفلاني وسرقه هذا ونهب ذاك. ينقلنا من قصة إلى قصة ومن موقف لآخر، وأخيراً من فستان الفنانة الذي سقط وتسبب في فضيحة، ومن سقوط تلك على المسرح، وعلى رغم أن هذا السلوك شائن وأن هذا التصرف يشير بقوة إلى خلل واضح في شخصية وأخلاقيات الكاتب الذي يمضي وقته الثمين في تجميع الفضائح والصور وغربلتها وتصنيفها. استاء بعض الأشخاص من ترحّم البعض على رجل دين نصراني محترم والبعض تجاوز الاستياء العلني إلى الرسائل والايميلات الخاصة التي تشجب وتستنكر كتابه جملة (انتقل فلان الفلاني الى رحمة الله) لماذا تترحّمون على رجل نصراني؟! وأجيب في العادة بسؤال ولماذا لا نترحّم عليه؟! الاستياء نفسه رأيته عندما جاءت الأخبار عن حالات انتحار، وربما أشهرها الشاب الذي انتحر في مدينة سعودية لفشله في الحصول على وظيفة تتناسب مع تخصصه الصحي المطلوب. كتب أغلبنا العبارة نفسها التي تتمنى له الرحمة من إله، أبوابه مفتوحة لا يغلقها، وسماؤه تتسع لعباده ولعبيده ولطائعيه ولمخالفيه ترحمنا عليه لأننا نوقن من قلوبنا ان الودود الرحيم هو خالقه وهو الوحيد سبحانه الموكل بمحاسبته، ونحن فقط عبيد له لا نملك له ولا لأنفسنا شيئاً، استاء البعض وتعدى الاستياء الى الشتم والرفض والتشكيك والتصنيف ولم ينسوا بالطبع الأجندة التغريبية التي يتهمون بها كل إنسان في قلبه رحمة وتفهم لعبد مثله «عبد» يقف الآن بين يدي الرحمن الرحيم، ولا نستطيع أن نقدم له غير الدعاء والصدقة بعد أن خذلناه وهو حي، فلماذا نخذله وهو في دار الحق؟! أعود لعشاق الفضائح وعشاق الخوض في أعراض وسمعة الناس، وعشاق (عدم الترحم على الغير) بعد أن نصّبوا أنفسهم وكلاء شرعيين لتقييم خلق الله وتولّوا توجيه وفرملة الدعاء على من يجب وعلى من لا يجب، أستغرب جداً عندما أرى هذه الردود وهذه الآراء، ويربكني أن هؤلاء يكتبون بعد كل ما سبق من ألفاظ شائنة. «تحذير... ترى توجد موسيقى»!