لا حديث للناس هذه الأيام إلا عن معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي نرجو من الله أن يتم أيامه بلا إشكالات أو تشنج من أي طرف كان.. كي نثبت أن مناسباتنا إذا استُبعدت منها عوامل الاستفزاز وحلت إشكالاتها بالحوار الهادئ يمكن أن تكون من أهم المناسبات في عالمنا العربي. وعودة إلى معرض الكتاب أقول إن السعوديين من أكثر الناس شراءً للكتب، وتشهد لهم مكتبات القاهرة وبيروت ولندن.. وقد يقول قائل إنهم يشترون الكتب لكنهم لا يقرأون كثيراً.. وجوابي عن ذلك مضمون لافتة علقها صديق على أحد رفوف مكتبته المنزلية تقول (اشتر الكتاب اليوم.. واقرأه غداً)، أي أنه حينما يتقاعد سيقرأ جميع هذه الكتب التي تعب في البحث عنها في جميع مكتبات العالم! ويقابل ذلك شغف الغربيين على اختلاف أعمارهم بالقراءة اليومية في كل مكان.. فتراهم في القطارات أو الطائرات وانتظار عيادات الأطباء.. يقرأون.. ويقرأون بلا ملل.. وكم نحسدهم على ذلك، لكن الطبع يغلب التطبع فنحن نتصور للقراءة جواً خاصاً لا يتوافر في الطائرة أو القطار الذي ننشغل خلال وجودنا فيهما بالحديث مع من يكون بجانبنا أو الأكل ثم النوم إن كانت رحلة طويلة! أما شغف المواطن السعودي بالكتب والمجلات والصحف فمعروف منذ القدم فكم من مجلة عربية أوقفت صدورها حينما لم تستطع الدخول للسوق السعودية المعروفة بالكثافة السكانية مقارنة بالأسواق المجاورة وبالقوة الشرائية مقارنة بمعظم بلدان العالم العربي. وفي الآونة الأخيرة دار جدل حول مدى قدرة الكتب والصحف المطبوعة على الصمود أمام النشر الإلكتروني الجامح.. لذا تخيلت حواراً بين مؤلف لكتاب مطبوع.. ومغرد في مدونة إلكترونية على هامش معرض الرياض الدولي للكتاب؟! حيث قال المغرد للمؤلف الذي وقف مبتهجاً يستقبل بعض رواد المعرض للتوقيع لهم على مؤلفه الجديد: لا تفرح كثيراً فأنت لن تستمر طويلاً في جني الإيرادات الطائلة من كتبك حيث البديل جاهز على الشبكة مجاناً!! ورد المؤلف: أيها المغرد العزيز لن تشبع بتغريداتك المقطعة، فهم القارئ الرصين المتعمق الذي يريد أن يقرأ ساعات وساعات، وأن يعلّم على الفقرات المهمة بقلم ملون.. ثم يضع علامة عند الفصول التي يريد العودة إليها. وأضاف: لن تقنع باسمك المستعار قارئاً يريد المصداقية ويحب التخاطب مع شخصيات معروفة.. وليس مع أشباح مجهولة!! وعاد المغرد بكل هدوء ليقول: ما بك قد كبرت الموضوع وظهرت نبرة الحدة في إجابتك.. إن العصر لنا وإن الشباب معنا.. أما العجائز فمبروك عليك الاحتفاظ بهم! ورد المؤلف: انظر إلى هذا المعرض الفسيح.. فجُل مَن يوجد فيه شباب وفتيات وجميعهم جاءوا للبحث عن الكتاب.. في معرض يحمل عنوان الكتاب.. ومع الكتاب سيقضون ساعات طويلة.. أما تغريداتك فسيمرون عليها سريعاً! وعاد المغرد ليقول: سنرى في العام القادم.. كيف سيكون الإقبال على كتبك وكتب زملائك أيها المؤلف الكبير! وضحك المؤلف وهو يقول: سترى هذا المعرض وقد زادت معروضاته من الكتب وزاد رواده.. وسترى أن التغريدات قد خفت بريقها واختفت لأن معظمها مجرد إشاعات لا قيمة لها!!