لم أستطع حضور معرض الكتاب هذا العام لكوني خارج الوطن.. وسأعلق على تفاصيل أحداثه لاحقاً. وعدم حضور معرض الكتاب هنا ليس إشكالية لمن يستطيعون السفر لحضور معارض الكتب في الجوار العربي وقد أبدعت البحرين وبيروت ومصر والمغرب وغيرها من الدول العربية في إيصال الكتاب إلى عشاقه دون تعقيدات. لكأننا تخصصنا في محاربة التعقيدات وانشغلنا بها عن تطوير فعالياتنا ذاتها.. وربما هذا هو القصد من افتعال التعقيدات. ولم أستطع حضور منتدى جدة الاقتصادي هذا العام لتأخر وصول الدعوة أولا، ولأسباب ذاتية خاصة ثانيا ولكني تابعت مجرياته والتغطيات الإعلامية حولها. لقاء الأمير خالد الفيصل بالشباب والشابات يستحق الإشادة.. هذا الرجل القيادي الذي تميزت كل تجربته بالريادة والإنجاز - بدءاً بتطوير منطقة عسير، ووضع فكرته الوليدة مؤسسة الفكر العربي على خارطة المنجز العربي، وأخيراً حزمه في انتشال جدة من مأزق أزماتها المتراكمة - هو فعلاً خير من يحاور الجيل الواعد من المميزين ويصغي لتطلعاتهم. تابعت قبل المنتدى كلمة وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل حول الارتقاء بدول مجلس التعاون إلى مرتبة الاتحاد تنفيذاً لرؤية خادم الحرمين الشريفين؛ ثم تابعت أيضا كلمات الوزراء: وزير العمل ووزير التجارة في جلسات المنتدى الاقتصادي. وفي الخلفية تشابكت أفكاري وانشغل البال بشجون موقعنا من ضغوط الحفاظ على تنافسية موقعنا عالمياً ومحلياً. أرحب كمواطنة خليجية بالخطوة التوجهية الجديدة للرقي بدول مجلس التعاون إلى مستوى الاتحاد وما يعنيه ذلك من التخلص من مفارقات الإجراءات والتعامل مع المواطن. ولكن لا ننسى أن أي مقارنة بين دول الخليج وكلها صغيرة المساحة وقليلة السكان لن نكون فيها عادلين حين نقارنها بالمملكة السعودية التي تحوي بضع مدن كبيرة أي واحدة منها تزيد حجماً وسكاناً عن الدول الأخرى. ولكن التفاؤل واجب ولا أشك أن مواكبتنا للتطور الذي يجري في الخليج سيكون في مصلحة المواطن والمواطنة في السعودية. محلياً لا أشك أنه تحت الضغوط المفتعلة من وزارة العمل سيلجأ الكثيرون إلى توظيف المرأة لكسب نقاط. وبعد القرارات الملكية الحاسمة سيتقبل بعضهم على مضض وجود المرأة بعضوية مجلس الشورى. وربما تسبق مؤسسات حكومية غيرها في توسعة الأقسام النسائية وتعيين امرأة في منصب يستدعي الملاحظة والتنويه. وسيكون الأمر مربكاً في البداية.. ثم نعتاد الإطار الجديد. الاتحاد ومواطنة الخليج سيتيح للكثير من الشباب المؤهلين فرص العمل المجزية ويتيح لدول الخليج تخفيف اعتمادها على المستقدمين الذين تصل نسبتهم في بعضها إلى 85%. يهمني طبعاً دور المرأة خاصة محلياً وأن نصل إلى تفعيلها وتمكينها بحق كما فعلت الجارات الخليجيات. هنا أيضا الدور الثقافي المرغوب للمرأة هو أن تكون عضواً متكامل الكيان بما في ذلك قدراتها الذهنية وتوقعات نجاحها حتى في أعلى الوظائف. والمهم أن تحقق ذلك وتساهم بكفاءة في أي موقع مسؤولية وهي محفوظة الكرامة ليس بعزلها عن الحضور الفعلي بل بأن يعامل حضورها الفعلي باحترام. وأن تضمن لها فرص الترقية كحق طبيعي مضمون حين تقوم بالعمل المناط بها وظيفياً بأفضل أداء دون أن تصطدم بسقف زجاجي لمجرد أنها امرأة. لا يفي أن يكون دورها مجرد حضور صوري في إطار غير مريح سواء في الأسرة أو الوظيفة أو المجتمع ككل. والغد واعد بالمزيد من النور والمسؤولية وفرص التكامل والإنجاز حين تصبح المعادلة المجتمعية والممارسة المعتادة هي «الشخص الأكفأ في الموقع المناسب».. بغض النظر عن الشكل والجنس، أو أي تفاصيل فئوية أخرى.