هل يمكن لإنسان أو جماعة من الناس أن تستأثر بالدين وحدها دون غيرها وصاية وعملا وتكليفا؟ وهل كل امرئ قادر على أن يعلن أنه وحده الصواب وهو المهتدي والهادي وغيره في ضلال؟ كلنا يتفق على عدم صحة ذلك ولكن كلنا يرى اليوم من يدعي ذلك بطريقة أو بأخرى، حتى بعض كبار العلماء مالوا إلى تيار لا يستطيعون أن يميزوا فيه بين العدل والميل فيما بينهم وبين أنفسهم كبشر يخطئ ويصيب ويتبع مطالب شخصية، أو كعالم ومعلم للدين.. اليوم لم نعد نميز بين من يريد بالوطن خيرا ومن يريد له شرا فلسان كثير منا يلهج بالوعظ والدعوة للدين القويم ولكننا نرى من وراء ذلك أطماعا وأهواء ذاتية تلوح ولا تخفى علينا، بل هي تخفى على بعضنا ولا تخفى على بعض آخر. فعندما يرتفع صوت الدين ترى كثيرا من عامة الناس يتأثرون ويرتعبون وينساقون فيما يفقهون وفيما لا يفقهون، فبمجرد تحدث ذلك الواعظ أو العالم لهم يعني انه محل ثقة لأن مثل أولئك الرجال يفترض أن يكونوا محل ثقة، ولكن الثقة اليوم لم تعد كافية عندما نرى بعضهم يناصبون وطنهم العداء من أجل أغراض خاصة ظاهرها الدين وباطنها الأنا!! اليوم لم نعد نميز بين من يريد بالوطن خيرا ومن يريد له شرا فلسان كثير منا يلهج بالوعظ والدعوة للدين القويم ولكننا نرى من وراء ذلك أطماعا وأهواء ذاتية تلوح ولا تخفى علينا إلى أين سيقودون الجهلاء؟ وماذا سيفعلون بنا؟ وإلى أين يدفعون بالمجتمع من جديد في مسار فكري جد خطير وإرهابي باسم الدين. لقد تداخلت الخيوط وأصبحت تشكل خطرا واضحا يناقض ما جاء به الإسلام من نظرات شاملة وتشريعات تربط الإنسان بكل ما حوله من خلال منظومة واضحة من القيم والمبادئ والتكليفات التي صار كثير منا يفتتونها ليفسروها وفق أهوائهم ومخاوفهم حتى أشعرونا بأنهم نصبوا أنفسهم أوصياء على دين الله وسنة نبيه. إن كل ما جاء في القرآن الكريم من تقنين شرعي وترغيب سلوكي يشمل تعامل الإنسان مع أخيه الإنسان أصبح اليوم باهتا تكاد تنمحي منه الدعوة إلى الأخوة وما تتطلبه من سعة صدر وإيثار وعفو وتجنب للظلم وغيرها كثير بتنا نفرط فيها مهما كانت درجتنا في مراتب الطائعين والعاصين المهديين والضالين.. كل يلهث وراء مبتغاه وننسى أن هناك من يراقبنا جميعا وهو الأولى بنا لأنه الأول والآخر بالتسليم له نبدأ وننتهي فهلا كفننا شرورنا البشرية التي نتقاذفها كل يوم مثل كرة ملتهبة كل منا يدفعها عن نفسه ليسقطها على الآخر. اليوم ما الفرق الذي نلاحظه بين من يسعر نار الفتنة في العوامية ومن يسعرها في الجنادرية تلك أهواء وتلك أهواء أخرى، تلك أطماع وتلك أطماع في ذلك كذب وافتراء وفي الأخرى كذب وافتراء. فأين الوسطية التي نتنادى بها من سنوات؟ أين تجنب الفكر الإرهابي الذي عقدت من أجله المؤتمرات وتبودلت الآراء وكلما تنفسنا الصعداء عندما تماسكنا ولم نسقط في الجرف تراجعنا خطوات لنسقط في (دحديرة)!