يلبسون أفخم الملابس، يقصون شعرهم على موضات غربية وشرقية، يتحدثون بفوقية وصراخ وتهديد ووعيد وهم على كفوف الراحة والاحتفاء الواضح على الأوداج المنتفخة والبشرة الملمعة بعناية، ربما لا تزعجهم سوى قوة الأضواء الكاشفة التي تظهر محاسن الأستوديوهات الأنيقة. أولئك هم "الثوار العرب" الذين يناضلون "هياطا " من "طهران". ومن لم يكن في ضيافة "طهران" مباشرة فهو مستضاف في "بيروت"! وبالطبع الجميع ضيف دائم في قناة "العالم" التي لا ينافس مقرها الرئيس في "طهران" سوى مكتبها في "بيروت". ولعل أحدث موضة في "ثوار الكلام" هو أن الوجوه العتيقة التي تجاوز أصحابها الخمسين عاما، لم تعد تلك اللافتة للنظر في البرامج الفضائية المباشرة، فالقناة أيقنت أن صلاحيتهم انتهت ولم يعد لديهم سوى ترديد ذات الكلام من عشرات السنين، ولذلك نلاحظ أن "العالم" تحاول في الفترة الأخيرة تقديم وجوه شابة بعضهم في العشرينات، ليتحدثوا باسم "شباب الثورات"! ولكن المشكلة التي لم تحسب لها القناة حسابا هي أن معظم هؤلاء لا يستطيعون أداء الأدوار المطلوبة منهم. وللتدليل على ذلك فقد ظهر الحرج الشديد الذي تلبس مذيعة في القناة المذكورة خلال استضافتها قبل أيام شابا من مصر يبدو أنه لم يتجاوز الثلاثين عاما وآخر من اليمن مع من وصفت نفسها ب" أكاديمية يمنية"، فعلى الرغم من محاولة المذيعة تنويع الأسئلة وتفسيرها في بعض الأحيان لم يستطع هؤلاء "الضيوف" الحديث عن خطاب "مرشد الجمهورية الإيرانية في المؤتمر الدولي للصحوة الإسلامية" كما تريد القناة، دون تخبط في الكلام وتكرار لإجابة واحدة يبدو أنها أمليت عليهم سابقا، أو أنهم سمعوها هنا أو هناك ولم يستطيعوا الخروج من سجنها، وخصوصا الشاب المصري الموجود في الأستوديو الذي عرفته المذيعة على أنه أحد المشاركين في المؤتمر! أما الشاب اليمني الذي يبدو أن المقام طاب له في "طهران" فكان كل ما يفعله هو التهديد والوعيد للرئيس السابق علي عبدالله صالح، مع أن الهندام و"اللوك" اللافت الذي ظهر به على الشاشة لا يوحي أبدا أنه وقف تحت لهيب الشمس مع المتظاهرين، ولا عرف معاناتهم الحقيقية. السؤال الأهم هنا: ماذا يفعل كل هؤلاء هناك؟