يأتي قرار تنظيم عمل المرأة السعودية في مجال نشاط بيع المستلزمات النسائية في مصلحة التوجه الحكومي في السعودية بفتح آفاق ومجالات عمل جديدة لعمل المرأة، التي ظلت فترة طويلة من الوقت حكرًا على قطاعات وأنشطة اقتصادية محددة، مثل قطاع التعليم الذي إلى وقت قريب جدًّا كان يوظف نحو 84 في المائة من قوة العمل النسائية في المملكة. تدني مساهمة المرأة السعودية في سوق العمل، وتضييق فرص عملها وقصرها على أنشطة اقتصادية واستثمارية وتجارية محدودة، فاقم مشكلة البطالة بين النساء في السعودية، وأسهم بشكل كبير في ارتفاع معدل البطالة بين النساء السعوديات، الذي تجاوزت نسبته 28 في المائة، بهدف مكافحة انتشار البطالة بين النساء السعوديات، وقد اتخذت الحكومة عددًا من القرارات الجريئة والطموحة التي يتوقع لها أن تسهم بفاعلية في تعزيز مساهمة المرأة في سوق العمل، وفي القضاء على حالة عدم التوازن وانعدام تكافؤ فرص العمل بين الجنسين في السوق، حيث على سبيل المثال لا تزال مشاركة المرأة في القطاع الخاص ضعيفة للغاية، وقد لا تتعدى في أحسن حالاتها 3 في المائة، في حين أنها تتجاوز ذلك بكثير في عدد من الدول العربية والإسلامية، بما في ذلك الخليجية، حيث على سبيل المثال تبلغ تلك النسبة في ماليزيا وإندونيسيا أكثر من 35 في المائة، وفي دولة الكويت أكثر من 20 في المائة. من بين أبرز القرارات التي اتخذتها الحكومة بهدف توسيع مشاركة المرأة في سوق العمل، تنظيم عملها في محال بيع المستلزمات النسائية (الملابس الداخلية وأدوات التجميل)، وذلك بقصر العمل في ذلك النوع من المحال على المرأة السعودية. وبهدف تشجيع النساء اللاتي يرغبن في العمل في مجال بيع المستلزمات النسائية، وبالذات في الحالات التي تستدعي التدريب خارج المنشأة، يتحمل صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) تكاليف التدريب بحد أقصى قدره 1500 ريال للمتدربة الواحدة في البرنامج، شريطة أن يكون المعهد أو مركز التدريب الأهلي معتمدًا من قِبَلِ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني. كما يسهم الصندوق بنسبة 50 في المائة من مكافأة المتدربة على رأس العمل وبما لا يتجاوز مبلغ ألفي ريال شهريًّا، إضافة إلى مساهمة الصندوق بنسبة 50 في المائة من راتب الموظفة، ويقدم الصندوق أيضًا الدعم لمدة عامين بمبلغ لا يتجاوز ألفي ريال شهريًّا، شريطة ألا يقل راتب الموظفة عن ثلاثة آلاف ريال في الشهر. من بين أبرز الفوائد الاقتصادية لقرار تأنيث محال المستلزمات النسائية، فتح فرص عمل وظيفية لأكثر من 14 ألف امرأة سعودية، نتيجة لتأنيث نحو 7553 ألف محل تجاري متخصص في بيع المستلزمات النسائية على مستوى المملكة، التي استهدفها القرار في المرحلة الأولى، في حين تتوقع تقارير اقتصادية أن حجم الفائدة، التي سيجنيها الاقتصاد السعودي في المستقبل المنظور، في حال تطبيق قرار التأنيث على جميع المستلزمات النسائية دون استثناء، أن تصل إلى 144 مليار ريال سنويًّا، وأن تستفيد منها نحو 200 ألف أسرة متوسطة، بتوظيف أكثر من 400 ألف مواطنة سعودية (بمعدل اثنتين لكل أسرة). ومن بين الفوائد الاجتماعية، التي ستتمخض عن تطبيق قرار تأنيث محال المستلزمات النسائية، إيجاد بيئة تسوق نسائية مناسبة لخصوصية المرأة، ولا سيما أن بيع المستلزمات النسائية ظل حتى وقت قريب حكرًا على الرجل، الأمر الذي كان يتسبب في حرج شديد جدًّا للمرأة، وتبعًا لذلك فإن تطبيق قرار التأنيث، من المتوقع له أن يحدث نقلة نوعية في أسلوب وطريقة بيع ذلك النوع من المستلزمات، الذي بدأ يلمسه العاملون في النشاط منذ بداية التطبيق، حيث شهدت المبيعات نموًّا تجاوز ال6 في المائة. على الرغم من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية العديدة، التي سيجنيها المجتمع والاقتصاد من وراء تطبيق قرار تأنيث محال بيع المستلزمات النسائية، إلا أن هناك العديد من التحديات، التي ستواجه التطبيق، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر التزام جميع المحال التي يشملها القرار بالتطبيق الحرفي لبنود وفقرات القرار، إضافة إلى الحاجة إلى معالجة عدد من المعوقات والصعوبات، التي ستواجه الراغبات في العمل في ذلك النشاط، من بينها على سبيل المثال، ساعات العمل، والمواصلات، والتدريب والتأهيل. خلاصة القول؛ إن تأنيث محال بيع المستلزمات النسائية في السعودية، يعد تجربة رائدة على مستوى المملكة، ولا سيما أنه ستتحقق عنه مكاسب اقتصادية واجتماعية عديدة، من بين أبرزها توظيف أعداد كبيرة من المواطنات السعوديات خلال الفترة القادمة، الأمر الذي سيسهم بفعالية في التقليل من معدلات البطالة بين النساء، وسيعمل أيضًا على إيجاد بيئة تسويقية مناسبة وجاذبة أكثر من الماضي لتسوق المرأة. رغم تلك الفوائد الاقتصادية والاجتماعية، التي سيحدثها قرار التأنيث، إلا أن هناك العديد من التحديات التي ستواجه التطبيق، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر التزام أصحاب المحال بالتطبيق الحرفي لبنود القرار، ومعالجة بعض المعوقات التي تحد من عمل المرأة في المملكة بشكل عام، التي من بينها على سبيل المثال توافر وسائل المواصلات العامة المناسبة للمرأة، وساعات العمل، والتدريب والتأهيل، ولكن في حال التمكن من التعامل مع تلك التحديات، سنكفل بإذن الله تحقيق النتائج الإيجابية العديدة المرجوة من وراء تطبيق القرار، والله من وراء القصد.