بداية أقول لكم: إن التشخيص الذي قدمه اللواء ضاحي خلفان لا تنقصه الصراحة، فقد أقرّ الرجل قبل أن يبدأ محاضرته بأنه رجل أمن وليس دبلوماسياً. وبالرغم من ذلك فليس من شك في أنه نزع التحفظ المعتاد لرجال الأمن قبل صعوده المنصة. واللواء ضاحي كان قد انتزع إعجاب الكثيرين مراراً بكشف ضلوع الموساد في عملية اغتيال القيادي الفلسطيني محمود المبحوح وبانجازاته الامنية في إمارة دبي. أما هذه المرة، فالسياق مختلف تماماً؛ حيث عرض اللواء ضاحي رؤيته للتهديدات التي تحيق بدول مجلس التعاون في محاضرة ألقاها في مؤتمر أمن الخليج الذي عقد مؤخراً في مملكة البحرين .. فكانت السياسة الأمريكية في المنطقة أول التهديدات التي رصدها. أما آخر التهديدات فكان من وجهة نظره غياب اتحاد خليجي، وسُربت محاضرته على «يوتيوب» على مقاطع، ولإعطاء نبذة موجزة، أعدد التهديدات الخمسة الأولى التي تناولها حسب الترتيب الذي ورد في محاضرته : السياسة الأمريكية، البرنامج النووي الإيراني، أطماع إيران في الخليج، التغريد خارج السرب ، تبعية العراق لإيران. كما تناول تهديدات أخرى مثل : التهميش، عدم سيادة القانون، الفساد المالي والإداري، قمع الحريات، تعسف الأمن، شللية المناصب، هدر المال العام.. الأمر الذي أقلقني في المحاضرة القيمة هو استخدام المحاضر ضمير الغائب أحياناً وتبعيض المواطنين أحياناً أخرى؛ ففي حال الغائب يقول المثل الفرنسي المشهور : «الغائبون دائماً على خطأ». أما فيما يخص تبعيض المواطنة، فمن البداهة الجزم بأن الولاء للوطن غريزة لا يصح النبس بأنها غُرست في «بعض» ونُزعت من «بعض». وتناول بعد ذلك اختلال التركيبة السكانية والتنشئة الدينية وضعف الانتماء الوطني، ولا يتسع المجال هنا لسرد التهديدات كلها. ورغم أن المحاضر لم يبين منهجيته التي توصل من خلالها لتحديد التهديدات، إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية ما طرحه من أفكار فهو رجل مخضرم وصاحب تجربة ثرية، غير أن التهديد الأهم هو الذي أورده في النهاية ( غياب اتحاد خليجي ). وطلباً للوضوح، فإنني أتفق معه في العنوان وأختلف معه في التبريرات التي أوردها، ومن ذلك أن الاتحاد بين دول مجلس التعاون حاجة داخلية. أما الأسباب الخارجية فهي في تقديري أسباب تابعة، فالمادة الرابعة من النظام الأساس لمجلس التعاون أشارت تحديداً إلى كلمة «الوحدة». كما أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز كان قد طرح إقامة الاتحاد الخليجي في القمة الأخيرة للمجلس الأعلى التي عقدت في الرياض في ديسمبر المنصرم، وكذلك فقد أشار اللواء ضاحي بموقف المغفور له بإذن الله الشيخ زايد قبل أربعين سنة عند طرحه للاتحاد التساعي. الأمر الذي أقلقني في المحاضرة القيمة هو استخدام المحاضر ضمير الغائب أحياناً وتبعيض المواطنين أحياناً أخرى. ففي حال الغائب يقول المثل الفرنسي المشهور : «الغائبون دائماً على خطأ».أما فيما يخص تبعيض المواطنة، فمن البداهة الجزم بأن الولاء للوطن غريزة لا يصح النبس بأنها غُرست في «بعض» ونُزعت من «بعض».