لن يستغرب لو توسعت إيران في الإنذارات والتحذيرات لتشمل الصين. أكبر مسؤول في القيادة الصينية كان في الرياض لبحث مصالح بلاده، ونظراً لأسلوب القيادات الإيرانية، يتوقع صدور تحذير منها للصين بأن استيراد أي إمدادات نفطية من غير إيران يعتبر عملاً عدائياً. الذي لا يتردد عن تهديد الولاياتالمتحدة وتحتك قواربه بحاملات طائراتها، يمكنه تحذير الصين، أو إبداء عتب «ودي» على الأقل. خلال الأشهر الماضية، بلغت التهديدات الإيرانية أقصى مدى، وتجاوزت دول الخليج العربي إلى المصالح العالمية. تبدو ردود الأفعال الغربية خبيثة، سواء من الولاياتالمتحدة أو الحلف الأطلسي، فحين يقول الأخير إن لا خطط لديه للتدخل إذا ما أغلقت إيران مضيق هرمز، يذكرنا بما قالته سفيرة أميركا في بغداد لرئيس العراق السابق صدام حسين قبل اجتياحه الكويت. ومشكلة إيران تكمن في طموحها للهيمنة على المنطقة، ومكنتها الولاياتالمتحدة من ذلك بتسليمها العراق وغزو أفغانستان، والهيمنة لن تترسخ وتصبح حقيقة واقعة إلا بامتلاك سلاح نووي. القضية الإيرانية أساساً هي قضية مع الغرب، طهران لم تستطع إثبات سلمية مشروعها النووي، لكنها حققت نجاحاً ملحوظاً في المراوغة لكسب مزيد من الوقت، المفاوضات لأجل المفاوضات هي سياسة إسرائيلية مدعومة من الغرب الأميركي واللجنة الرباعية على حد سواء، مكنت هذه السياسة إسرائيل من بناء مزيد من المستوطنات وتهويد القدس. استنسخت طهران بنجاح سياسة المفاوضات لأجل المفاوضات في ملفها النووي، السياسة الإيرانية الخارجية ليست سوى مزيج من سياسة إسرائيل وسياسة كوريا الشمالية. قضية العرب مع طهران هي قضية مع نظام أكثر منها قضية مع شعوب الجمهورية الإيرانية، ورغم أنها قضية عربية، إلا أن بعض العرب يحاولون تهميشها، بل يتنافسون في تصوير إيران كداعم لحرية الشعوب المضطهدة والدرع الحصين ضد الهيمنة الغربية، وفي قنوات فضائية عربية لميليشيات سياسية ودول، نرى زخاً مستمراً لتسويق هذه البضاعة الكاسدة، ولا أحد يتحدث عن واقع الشعوب الإيرانية، بل إنه حتى في دولة مثل لبنان يقال عن حرية فيها، يخاف الناس من الحديث سلباً عن نظام الملالي. قبل أسابيع كان صديق عربي من الأهواز في زيارة إلى بيروت. سأله نادل المطعم عن أحوالهم في إيران، بحماسة تحدث الأهوازي عن الاضطهاد الذي يعيشونه والتضييق عليهم، تلفت نادل المطعم اللبناني حوله بخوف ووجل قائلاً: «اخفض صوتك، هنا لا يحبون هذا الكلام».