يصدف أن تكون السلفية مطلبا وطنيا لذا سنترك كل الأسئلة ماعدا سؤال واحد: كيف عالج السلف الصالح مشكلة الفساد المالي والإداري؟ كان النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاء العهد الراشدي يحذرون الولاة وعمال الدولة من الهدايا ويستبدلون كلمة مال الله إلى مال المسلمين وما لهذا من دلالات حقوقية، ابتكر عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قانوناً جديداً للحد من تصرفات العمال والموظفين بالمال العام يشبه ما يُعرف الآن ببيان كشف الذمة المالية، ففي رواية أن عمر بن الخطاب كان قبل بعث الصحابة عمرو بن العاص وأبو هريرة ومعاذ بن جبل وسعد بن أبي وقاص أمراء على مناطق الدولة الفتية يسجل أموالهم وبعد أن يخرجوا من مناصبهم كان يسجل أموالهم بعد الإمارة ليكتشف الفرق ثم يقسم المال بالنصف نصف للصحابي ونصف لبيت المال، أما إذا ظهرت علامات ثراء فيحاسبه بناء على سجله قبل الإمارة ويُؤخذ ماله الجديد، وكانت أشهر حالات المحاسبة أو المقاسمة لأبي هريرة حين كان والياً على البحرين فعزله بعد عمله في التجارة وقاسمه ماله، أما محاسبة والي مصر عمرو بن العاص فكانت عبر محمد بن مسلمة الأنصاري أول مفتش مالي في الإسلام الذي ذهب لمصر وقاسم مال عمرو حتى بقيت نعلاه فأخذ إحداهما وترك الأخرى، وكذلك عزل القائد التاريخي خالد بن الوليد وقاسمه ماله. هناك العديد من الروايات التي جمعها الباحث فالح حسين حول محاسبة الخلفاء الأوائل للأمراء والولاة وهم من كبار الصحابة والتابعين وأفضل الأجيال في الأمة، فهل نصبح كالسلف؟