هناك بعض الشخصيات المشهورة من مثقفين وإعلاميين ومشايخ ومسؤولين عرفهم الناس لعقود عبر وسائل الإعلام التقليدية، فرسموا لهم في أذهانهم صوراً يمكن وصفها بالخادعة والمغلوطة. فكم من كاتب أو إعلامي أو شيخ واعظ يقضي أياماً على صياغة صفحة واحدة، وتجميلها بعبارات راجعها وصححها له أكثر من شخص، دون أن تعكس حروفها حقيقة فكره وثقافته. وكم من إذاعي شهير يخرج على الشاشة بفكرة وحوار مثير نمّقه له فريق من كتّاب الكواليس والمعدين. وكم من مسؤول ذي نفوذ ومال وسلطة رسم له “المطبلون” صورة ملائكية من المناقب والسمات العظيمة. كل هؤلاء رأيناهم وعرفناهم، وربما أحببناهم عن بعد، لكننا صدمنا ببعضهم عند احتكاكنا بهم عن قرب في بحر تويتر متلاطم الأمواج، الذي تتطلب السباحة فيه مهارات مختلفة كلياً عن تلك التي تتطلبها السباحة في مسبح الوسائل التقليدية. مهارات تتمثل في فن “التفاعل” المباشر مع الجمهور، الذي يظهر الشخص على حقيقته دون مونتاج أو مكياج أو ميكساج. فهذا مسؤول بارز قفز بحماس في ذلك البحر، فتلاقفته أمواجه كاشفة ضعف مهاراته اللغوية وافتقاده لأبسط مبادئ الإملاء والتعبير، فسقط سقوطاً ذريعاً محرجاً، ولم ينل المواطن بدخوله تويتر سوى مزيد من الإحباط والتذمر. وذاك إعلامي كبير فضح تويتر ضحالةَ تفكيره وثقافته وازدواجيته. إلى شيخ إعلامي شهير نزع تويتر قناعَه، فبدا متناقضاً غير متسامح. شكراً تويتر لمجلسك العامر الذي لا يفرق بين صغير وكبير، ولضيائك الذي كشف لنا صغاراً خلناهم كباراً، ولمنبرك الحر الذي صعد عليه صغار مغمورون فصاروا في أعين الناس وقلوبهم كباراً شامخين.