من المثير التأكيدات المستمرة من أطراف سورية رسمية أو شبه رسمية على أن وسائل الإعلام هي سبب "الوضع" السوري! السيناريو المعتمد من حلفاء الحكومة السورية يتراوح بين الإنكار التام "لا شيء يحدث وكل شيء مفبرك" إلى "هناك مبالغات" وحتى "مجرد تشكيلات إرهابية مسلحة وسيتم انهاء الوضع قريباً" هذا الحديث منذ مارس الماضي، ولا شيء يحدث حقيقة إلا أن الإصرار من الشعب السوري يتزايد، وطغيان النظام كذلك. تعامل النظام في سوريا مع التحركات العربية لتهدئة الوضع تعامل مليشيوي "سنحرق الجميع" وفعلاً حدثت تهويشات هنا وهناك من خلال الاعتداء على دول عربية على رأسها المملكة من خلال استهداف السفارة في دمشق، أو الأنباء على اعتقال مخربين يستهدفون مصالح سعودية في البحرين بالإضافة إلى جسر الملك فهد. نعود للسؤال الرئيسي الذي نود أن نطرحه، هل يمكن لقناة إعلامية – مهما كانت – أن تقلب دولة رأساً على عقب ؟ إلى أي مدة من الزمن تستطيع أن تفعل هذا ؟ ما هي السوابق التاريخية لذلك؟ كل التجارب التي نملكها تجعل تلقي هذا السؤال غير ممكن إلا بطريقة ساخرة. عندما نؤمن "كما يقول السوريون" أن قناة إعلامية قادرة على صنع كل هذه الفوضى في الدولة، فلنا أن نطرح سؤالا آخر: لماذا فشلت القنوات الإعلامية السورية الرسمية والأخرى الموالية لها في صناعة الاستقرار في الدولة عن طريق نشر الحقائق وتوعية الشعب بما يحاك ضده من "مؤامرات" حسب المنطق السوري؟! لماذا لم يستطيعوا على مدى أشهر وأشهر مضت من تفنيد الرواية السائدة في كل العالم من أقصاه إلى أقصاه "أن الحكومة السورية تقتل متظاهرين عزل وتحاصر مدنا وقرى وتقتل بشكل عشوائي وجماعي" ؟! لكن الواقع يقول لنا باستمرار، مهما كانت القنوات الإعلامية احترافية، مهما كانت قادرة على صياغة الدعاية "البروبوغاندا" بطريقة احترافية، لا يمكن لها القفز على معطيات الواقع، وحقيقة ما يحدث على الأرض، وإن حدث هذا في لحظة انفلات ما، لا بد للصورة الأخرى أن تظهر خلال ساعات أو أيام قليلة من وسائل إعلام أخرى تحوز موثوقية أكبر. لا خلال أسابيع على أي حال، فضلاً عن أشهر !