خالد عبدالله المشوح - مجلة "المجلة" اللندنية يشكل الحج أبرز تظاهرة إسلامية في العالم يحتشد خلالها ثلاثة ملايين مسلم في وقت واحد ومكان واحد ولباس واحد ومطلب موحّد هو رضى الله وقبول هذه العبادة. تظاهرة يمكن ان تصنّف انها الأبرز على مستوى العالم والأكثر تعقيدا وتنظيما بالمقاييس العالمية، اذ ان هذه العبادة تتكرر سنويا وبتنظيم واحد موجبة عدم حصول اي أخطاء جسيمة يمكن ان تودي بأرواح الالوف من الناس. ولكون الحج تظاهرة عالمية فليس من الغريب ان أقول انه الموسم الذي يتطلع إليه العالم أجمع ليشاهد هذه الحشود المليونية التي تتحرك بطريقة غريبة ودقيقة لا تتحمل التأخير على الرغم من محدودية التعليم لدى غالبية من يؤدون هذه الفريضة. المملكة العربية السعودية، المسؤول الاول عن تنظيم الحج، تبذل جهودا سنوية جبارة لراحة وأمن الحجيج من دون اي استغلال لهذا الموسم من ناحية سياسية او ترويجية وبذلك يكون من الطبيعي ان تواجه المملكة اي تحرك سياسي لاستغلال حجاج بيت الله الحرام وهو ما اكدت عليه القيادة السعودية من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده ولي العهد السعودي الامير نايف. تاريخ الحج يكاد يكون نقيا من اي احداث باستثناء تلك الاحداث التي انطلقت مع قيام الثورة الخمينية في ايران ومحاولة الاخيرة استغلال هذا الموسم سياسيا من خلال برامج تصدير الثورة تارة او من خلال احداث قلاقل تضر بسمعة المملكة وقدرتها على حفظ أمن الحجاج تارة اخرى. ففي العام 1987 (في 31 يوليو ) قام بعض الحجاج الإيرانيين بمظاهرات عارمة أثناء موسم الحج منددة بالولاياتالمتحدة عرفت بأحداث مكة 87، وقاموا بسد الطرقات وإحراق السيارات ومنع الحجاج الآخرين والأهالي من الذهاب إلى وجهاتهم، فحاول بعض الحجاج التدخل لتهدئة الإيرانيين وفض المظاهرات لكنهم رفضوا هذه المطالب، ثم بدأ المتظاهرون في التوجه إلى المسجد الحرام رافعين شعارات الثورة الإسلامية في إيران وصور مرشدها العام آية الله الخميني، فتدخلت قوات الأمن السعودية لتهدئة الوضع، لكن تعنّت الغوغاء أدى إلى حصول مواجهات بين قوات الأمن السعودية والمتظاهرين الإيرانيين ما أسفر عن مقتل 402 شخصاً (275 من الحجاج الإيرانيين، 85 من السعوديين، 45 حاجاً من بلدان أخرى)، وعن إصابة 649 شخصاً (303 من الحجاج الإيرانيين، 145 من السعوديين، 201 حاجاً من بلدان أخرى). مظاهرات الايرانيين في العام 1987 في العام 1988 قامت السعودية بقطع علاقتها الدبلوماسية مع ايران بسبب الاحداث الاليمة التي تسببت بها ايران في موسم الحج وبقيت العلاقات مقطوعة الى العام 1991. وفي العام 1989 ادى اعتداء مزدوج الى مقتل شخص وجرح 16 اخرين اتهم فيه مجموعة من الكويتيين الذين كانوا متورطين مع ايران في تلك الحادثة التي لم تكشف السعودية عن تفاصيلها الدقيقة. هذا العام يتوعد الايرانيون بموسم حج ساخن واستثنائي في محاولة للضغط على السعودية بسبب موقفها من الملف السوري وقضية محاولة اغتيال السفير السعودي في الولاياتالمتحدةالامريكية عادل الجبير. لكن الرد السعودي جاء هذه المرة على لسان ولي العهد السعودي ووزير الدخلية الامير نايف الذي ابدى استعداد بلاده لمواجهة كل الاحتمالات الايرانية لهذا الموسم. يبقى ان ايام الحج التي يستهدفها الايرانيون في الغالب تبدأ من يوم التروية الذي يوافق يوم الجمعة وحتى ايام التشريق الذي يوافق الاربعاء القادم. يقول المولى عز وجل: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ صدق الله العظيم حفظ الله حجاج بيت الله الحرام.. وكل عام وأنتم بخير