أريد أن أستذكر معكم اليوم حكاية جميلة، تتعلق بالسيدة الأمريكية لاز كويفاس التي شب حريق في بيتها، واستطاعت الهرب باثنين من أطفالها من الحريق، ولكن النار أتت تماما على الغرفة التي كانت ترقد فيها ابنتها دليمار فيرا البالغة من العمر 10 أيام فقط، وأبلغ الاطفائيون الأم بان النار قضت على الطفلة بحيث لم يبق من جسدها شيء، وبعد سنوات طوال كانت السيدة لاز كويفاس، في حفل بمناسبة «يوم ميلاد» أحد أطفال الحي، عندما وجدت نفسها تقترب من طفلة حلوة وتقول لها ان هناك لبانا (علكة) ملتصقة بشعرها، ثم ربتت على شعر الطفلة وانتزعت منها اثنتين او ثلاثا، وهرولت الى مختبر جنائي، وبإجراء فحص الحمض النووي (دي أن إيه) على شعر الطفلة، اتضح بما لا يدع مجالا للشك أنها ابنة لاز... نعم كانت هي بالفعل دليمار ابنة لاز التي افترض الجميع انها ماتت حرقا في عام 1997، وعندما توجهت الشرطة الى بيت المرأة التي كانت تدعي انها أم الطفلة، كانت قد اختفت تاركة وراءها ثلاثة من أطفالها.. واكتشفت الأم والشرطة ان الحريق الذي شب في بيت لاز كويفاس في عام 1997 تسببت فيه جارتها كارولين كوريا التي زارتها في ذلك اليوم، وتسللت الى غرفة الطفلة الرضيعة، وسرقت الطفلة ثم اشعلت النار في غرفتها لمحو آثار جريمتها، ثم كان ما كان من أمر ذلك الحفل وقيام لاز بنزع شعيرات من رأس الطفلة ولجوئها من بعد الى الشرطة وصولا الى استرداد ابنتها،! تذكر ان شكل الطفل الرضيع يتغير من شهر الى آخر خلال سنته الأولى، وان الطفلة الرضيعة دليمار فيرا كانت قد كبرت بعيدا عن أمها وتغيرت كافة ملامحها عما كانت عليه يوم اختفائها وعمرها اقل من اسبوعين،.. ومع هذا فإن الأم الحقيقية أحست بشيء ما يقول لها: تلك ابنتي التي قالوا ان النار قضت عليها بالكامل،.. وتلك هي كيمياء الأمومة وسحرها العجيب.. وكل بنت في التحليل الأول والأخير «مشروع أُم»، وحتى اللاتي حرمن من الأمومة لسن محرومات من مشاعر الأمومة ففي داخل كل امرأة سوية غدد وعروق تنبض بالحب والحنان. وفي بيتي أتولى ملاعبة عيالي وممارسة كافة أشكال العبث الذي يدخل البهجة في نفوسهم، ولم يحدث ان واحدا من عيالي الأربعة جلس قرب امه في مائدة الطعام في سنوات عمره الأولى، بل كانوا يجلسون قربي لأتولى إطعامهم وتحويل المسألة الى لعب ومداعبة لاستدراجهم لتناول كميات كافية من الطعام، ورغم كل هذا فإنهم كانوا ومازالوا يهربون بعواطفهم وأسرارهم وأفراحهم وأحزانهم الى أمهم،.. بالتأكيد لأنها مثل كل أم تملك اشياء داخلية غير مرئية لا أملكها أنا أو غيري من الرجال!! أليس هذا كافيا لاقناعك بالنظر الى أمك وأختك وزوجتك وجارتك وقريبتك كائنات مميزة تملك طاقات هائلة للعطاء والحب والحنان؟ [email protected]