أنس زاهد - المدينة السعودية هكذا نحن السعوديين دائما ، نحول أية مناسبة أو حدث أو موضوع ، لمادة للجدل الديني . آخر الحوادث في هذا المجال هو ما وقع الأسبوع الماضي حيث توفي المخترع الذي غير وجه الحياة على وجه كوكبنا ، ستيفن جوبز . ساحات الجدل كانت على صفحات موقع تويتر ، ومادة السجال هي : هل يجوز طلب الرحمة أو المغفرة للراحل نظرا لما قدمه من خدمات جليلة للإنسانية قاطبة ، أم انه لا يجوز على اعتبار أن المتوفى لم يكن مسلما ؟ البعض قال بالجواز بل وحث الاخرين على الترحم على جوبز ، والبعض الاخر قال بعدم جواز ذلك مطلقا . وبالطبع فقد حاول كلا الطرفين استخدام حادثة الوفاة لمهاجمة الطرف الآخر . أتساءل : متى نخرج من أسر هذه العقلية التي لا تنتج إلا مثل هذه العينة من الجدل العقيم ؟ الرجل غيّر وجه الحياة على كوكبنا كما أسلفت ، والموضوع ليست له علاقة بالدين من قريب أو من بعيد ، فلماذا إذن يتحول موضوع كهذا إلى مساجلة دينية لها كل خصائص الصخب التي لمسناها من خلال التدوينات التي ازدحم بها فضاء تويتر ؟ شخصيا لم أر في وفاة جوبز شيئا أهم من كونه ينحدر من أصول عربية ، فالراحل هو ابن لأحد المهاجرين من أبناء مدينة حمص السورية . السؤال الذي كان يجب طرحه هو : ماذا لو بقي والد جوبز في الوطن العربي ولم يهاجر إلى أميركا ..؟ وفاة ستيفن جوبز ( الاسم الأخير هو اسم العائلة الأميركية التي تبنته ) يجب ان تفتح ملف المهاجرين الخطير في بلادنا العربية .. لماذا لا نسمع عن قصة نجاح واحدة لمواطن عربي وخصوصا في مجال العلوم والتكنولوجيا ، تم تحقيقها على أراضي البلد الذي ينتمي إليه أو ينحدر منه ..؟ ولماذا يتوجب على العالم العربي أن يهاجر جزئيا او كليا حتى ولو كان ينتمي إلى بلد غني ، ليحقق إنجازات علمية تضيف إلى رصيد البشر العلمي والمعرفي ؟! قصة نجاح جوبز يجب ان تفتح هذا الملف ويجب ان توجه الأنظار في هذا الاتجاه . اما مسألة دخوله الجنة او النار فهي ليست من شأننا نحن ، والجدل فيها والنقاش حولها لن يفيدنا نحن في شيء ،ولن يؤثر على مصير جوبز في الحياة الأخرى التي لا يمتلك التصرف فيها إلا الله جل وعلا . ما رأيكم دام فضلكم ؟