هل نحن في حاجة لقانون يُجرم التعرض والانتقاص من أي مواطن، لجنسه أو مذهبه أو أصله أو منطقته التي ينتمي إليها، في ظني أننا الآن في أمس الحاجة لإعداد قانون يُجرم المناطقية والمذهبية والفئوية. فالأزمات المحيطة المخيفة تكاد تطبق على كل ما حولنا، وليس من المعقول أن نسكت على بعض قصار النظر الذين ينفون الناس عنصرياً ومذهبياً ومناطقياً، لأنهم يقدمون دلالهم وعصبيتهم على مصلحة الوطن وأهله. يجب أن يكون قانوناً صارماً يُجرم ويُعاقب بقسوة من ينتقص من دين أي مواطن أو مذهبه أو أصوله، فليس من المقبول أن تُتهم فئات أو طوائف كاملة بالفساد والشرك والكفر أحياناً، في الوقت الذي تحارب فيه الدولة بكل مؤسساتها التكفير. وليس من المعقول أيضاً أن تتهم على سبيل المثال «امرأة» في دينها ونسبها والمنطقة التي تعود أصولها إليها لأنها قادت سيارة، أو لأنها خالفت عرفاً لم يألفه أهل منطقة واحدة من «14» منطقة في المملكة. وليس من المقبول أيضاً أن تتهم مدينة في دين أهلها وسلامة معتقداتهم وسلوكياتهم لأن أمطاراً غزيرة أصابت مدينتهم، فتصبح عقوبة سماوية وعذاباً مسلطاً، وتصبح غيثاً ورحمة على غيرهم. فحق المواطنة الذي تدافع عنه الدولة في كل محفل لها، مكفول للجميع، وما أشعر به هو أن كل من يحمل الجنسية السعودية هو مساوٍ لمواطنه الآخر في الحقوق والواجبات، وأنه لا يفضله ولا يزيد عليه لا بثوبه وغترته، ولا بطريقة ملبسه، ولا بتقاسيم وجهه ولون بشرته أو عينيه أو شعره، ولا بنوع لهجته وطريقة كلامه، فالكل أمام الوطن وقوانينه متساويين. لأن الأقسى الذي يمكن أن يواجهنا - لا سمح الله - هو تقويض مواطنة أي فرد أو فئة، والتغول في حقوق الناس وشرخ أفئدتهم وجرح أصولهم أو الانتقاص منها ومن تعبدهم، أو الاحتكام لقيم الاستعلاء بدلاً من قيم الكفاءة، فلا يقبل لأي أحد أن يزعم احتكاره للحقيقة أو الفضيلة، ولا يمكن له أيضاً أن يحتكر التفرد بالعرق المفضل على العالمين. كما أن مؤسسات الدولة جميعها، خصوصاً المؤسسات القضائية والتشريعية يجب أن تقدم نفسها الضامنة لمبدأ النزاهة والعدالة، وهو ما نطمئن إليه بشكل كبير، لكن يجب إطلاق قانون تستند عليه تلك المؤسسات، يمكن الاحتكام له، والاطمئنان إلى فعالياته في الحفاظ على كرامات الناس، ويمكن للمتضررين اللجوء إليه وقت الحاجة، مهما اختلف معهم، فلا علماني وتغريبي، ولا رافضي وصحوي، ولا أصل وفصل، ولا مشرك ولا كافر... إلخ، تلك التصنيفات التي تؤذي المواطنين في أهلهم وأصولهم ومعتقداتهم، بل «مواطن سعودي فقط»، ولا شيء غير ذلك. [email protected]