عبد الرحمن الراشد *نقلا عن صحيفة "الشرق الأوسط" شهدت سوريا أول عملية اغتيال رئيسية ضد أحد أبناء رموز النظام السوري، سارية ابن المفتي بدر الدين حسون، لتعلن بذلك انعطاف الاحتجاجات السلمية نحو الكفاح المسلح، في هذا البلد الذي غرقت تربته بدماء المحتجين السلميين لأكثر من نصف عام دون أن يظهر في الأفق بارقة أمل بحل ينهي الأزمة. وفي المقابل اعترفت السلطات السورية بوجود الحركة المسلحة وتريد القضاء عليها في بداياتها. ففي صفحة تحمل اسم الرئيس السوري بشار الأسد على «فيس بوك» يحررها موالون للنظام ذكرت أنه تم اصطياد «الفار عميل العثمانيين والناتو والموساد رياض الأسعد الذي كان بطل الفيديوهات والتهديدات لجيشنا الباسل.. وهو الآن في ضيافة السلطات السورية». والمقصود به هنا من يسميه الثوار برئيس الجيش السوري الحر. وهناك أخبار أخرى تقول إن المنشق رئيس جيش الثوار يوجد طليقا خارج البلاد. أعتقد أننا عمليا دخلنا في مرحلة جديدة؛ من سلمية الانتفاضة السورية إلى الثورة المسلحة، وهذا ما كان عدد من المعارضين يخافونه ويتمنون ألا يأتي اليوم الذي يضطرون إليه. لكن النظام العنيد فوت الكثير من الفرص للتوصل إلى حل سلمي، وأعتقد أن الأمور خرجت عن تمنيات قادة الحركة السلمية المعارضة. ولا أستبعد أن القيادة السورية كانت ترجو أن تصل المعارضة إلى حمل السلاح وإنهاء الحركة السلمية التي أحرجتها في العالم، وسببت دعوات التدخل الدولي وإسقاط النظام. ربما يعتقد النظام السوري أنه قادر على مقارعة أي تمرد عسكري مسلح ضده، وسيجد المبررات للمزيد من القتل والاعتقال بحجة أنه يحارب جماعات إرهابية. وهذا ما كان يفكر فيه النظام الليبي السابق، حيث راح يردد سيف الإسلام القذافي أنه يحارب جماعات إرهابية وخلايا قاعدة، وأن ما يفعله من تدمير وقتل تقتضيه ضرورات مواجهة الإرهاب. لكن في النهاية لم يعد المبرر يغطي النظام حيث سقط فعليا. وهذا ما سيحدث لاحقا في سوريا حيث سينهار النظام على أيدي المنشقين والثائرين عليه. ومن أهم التطورات في الشأن السوري، أنه أخيرا اتفقت معظم الجماعات السياسية على مجلس يضمها (المجلس الوطني السوري)، وقد ينجح هذه المرة، بعد فشل المحاولات السابقة، في تكوين مرجعية سياسية يسهل على الشعب السوري التعبير عن مطالبه ومواقفه من خلالها، وثانيا يسهل على العالم التعامل معها كبديل للنظام المحاصر. ولا أريد أن أبيع وهما للقراء بأن النظام على وشك الانهيار لأننا أمام حالة صعبة، نظام أمني قمعي مدجج بالسلاح لا يمكن مقارنته بأي نظام آخر في المنطقة على الإطلاق، في جبروته وشراسته. وثانيا أن المحيط العالمي، بما فيه العربي، متردد في تقديم أي عون للشعب السوري بسبب تعقيدات الوضع. وتعقيدات الوضع تتضمن الداخل الطائفي، وتعقيدات الخارج حيث إن إيران لم تخف استعدادها للتدخل لحماية النظام السوري ضد أي تهديد خارجي، كما سمته ذات مرة، والكلام كان موجها ضد الناتو والجارة تركيا. إنما، ورغم كل هذه الإشكالات التي تعترض إسقاط النظام السوري، فإن حجم الرفض والاستعداد الشعبي لمواجهته يجعل نهاية النظام محتومة، إلا أن الوقت غير معروف وقد يستغرق عاما.