داود الشريان - الجياة اللندنية الأسبوع الماضي نشرت صحف سعودية، أن قاضياً حَكَم بجَلْد فتاة سعودية بتهمة قيادة سيارتها. الخبر لم يذكر كيف وصلت القضية الى المحكمة، ومَن الذي أقام الدعوى على الفتاة. إدارة المرور لم ترفع سابقاً قضية ضد امرأة بسبب قيادتها السيارة، وهي لن تفعل، لأنه ليس في قانون المرور مادة تخوّلها ذلك. لكن احداً لم يسأل، وطارت القضية في فضاء الإعلام، وتلقفتها صحف دولية، وتحولت الى عنوان رئيس في أهم الصحف الغربية. وجرى ربطها بقرار إعطاء المرأة حقوقها السياسية، واجتهد بعضهم معتبراً الحكم تحدياً لقرارات حق المرأة في الانتخابات وعضوية مجلس الشورى... الحكومة تتحدى نفسها، هكذا. قيادة السيارة كانت حيثية في الموضوع، لكنها ليست القضية. والحكم لم يصدر بسببها، لكن غياب الدقة في نقل الخبر، ونشره في الأسبوع الذي شهد تحولاً في موقف السعودية من دور المرأة وحقوقها، جعله مادة مثيرة في نظر بعض الصحافة الغربية الذي وجد فيه فرصة للتقليل من قيمة القرارات التي اتخذها الملك عبدالله بن عبدالعزيز الأحد الماضي. بصرف النظر عن غياب مهنية بعض الصحف السعودية، وميله الى الإثارة ونشر أخبار غير دقيقة في تفاصيلها، فإن الجانب المهم هنا هو أن الصحف الغربية نقلت الخبر عن صحف ومواقع سعودية، وكعادتها لم تتحرَّ الدقة، وهي اعتبرت ان ما كُتب حقائق لا تقبل الجدل، وشوّهت صورة القضاء السعودي. ولكن، طالما ان القضية على هذا النحو، لماذا لم تبادر وزارة العدل الى شرحها، وحماية صورة القضاء والبلد؟ ربما وجدت الوزارة ان شرح القضية سيفضي الى إفشاء خصوصية أفراد، ولهذا لزمت الصمت، وكان بمقدورها ان تتصرف على نحو يحمي الخصوصية والبلد في آن. لا شك في أن حكم الجَلد، الذي أصبح الخبر الأهم في الصحف الغربية، كشف أن بعض الصحف السعودية يحتاج الى تطوير نهجه في نقل الأخبار، وأن بعض الصحافة الغربية ما زال يتعامل مع السعودية بعقلية الاستشراق. الأكيد ان بعض الإعلام تصرف بعقلية القطيع، إذ شن هجوماً على الحكم من دون ان يتبيّن الأمر، وصادر الرأي الآخر، ومارس الإقصاء الذي ينهى عنه... فضلاً عن انه حاول استعداء الناس على مؤسسة القضاء ورجاله.