د.سليمان بن عبد الله السكران - الاقتصادية السعودية لا يختلف اثنان على ما يشهده الوطن من تغيرات تنموية ستسجل كعلامات فارقة في تاريخه؛ لكونها قفزات نوعية نحو الرقي والوصول إلى عالمية التحضر والمنافسة عليها. وهذه القفزات غير المسبوقة لم تكن مركزة في جانب واحد، بل شملت وتشمل مختلف أوجه حياة المواطن والوطن من أبسطها إلى أكثرها تعقيداً ومن أكثرها آنية إلى أبعدها أفقاً في مسطرة الزمن. وما ذاك إلا بتوفيق من العلي الحكيم، ثم قيادة خادم الحرمين الشريفين "حفظه الله" في قراراته المفصلية وحنكته وغيرته وحبه لهذا الوطن، بل كل الأمة. ومثلما هي عادته ببصيرة ثاقبة أقرّ أخيراً إشراك المرأة في مجلس الشورى وفعَّل دورها في المجتمع من خلال حقها في الترشح والترشيح للانتخابات البلدية. إن هناك عدداً من المضامين لهذه النقلة النوعية في الحياة السياسية للمجتمع السعودي يعرفه ذوو الاختصاص بهذا الشأن، بيد أن المقام هنا الإضاءة للانعكاس الاقتصادي المتوقع لهذه النقلة الذي يدرك أنه قد لا يكون مباشراً لكون مثل هذه الخطوات والقرارات هي في مصلحة المنظومة التنموية ككل وليس لقطاع أو شأن اقتصادي محدد. إنه على الرغم من اختلاف وجهات النظر في مثل هذه القرارات إلا أنني أرى محصلة إيجابية النتائج من منظور اقتصادي في مثل هذه المشاركة للمرأة في الحياة السياسية، وذلك بأمل أن تلعب دوراً فاعلاً في حل قضاياها الاقتصادية، حيث ستكون منبراً لإيصال هذه القضايا وإبرازها بمهنيّة واحترافية في إطارها الشرعي والقانوني المتوافق مع المجتمع ودينه وأعرافه وتقاليده. إنه من المعلوم ألا أقدر على من يفهم قضايا مجتمع ما وهمومه غير من يكون من هذا المجتمع، وكذا بالنسبة للمرأة خصوصاً في ظل تنامي تعقيدات الحياة الاقتصادية وتغير متطلباتها. ولذا فحين يحمل صاحب الشأن لواء قضيته بنفسه، فمن المؤكد أن يجد لها حلاً مرضياً بأكثر كفاءة مما لو كان هناك وكيل لتلك القضية. يُضاف إلى ذلك أن توحيد المرجعيَّة في أغلب الأمور يعتبر واحداً من أساليب الإدارة الحديثة، بل متطلباً إلزامياً سابقاً لنجاح الخطط. وفي ظني أن المرأة من خلال اشتراكها في هذا الدور ستكون الأولى والأقدر على جمع شتات قضاياها سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها والتعبير عنها بشكل موحد ومن خلال مصدر واحد ونافذة رسمية مؤكدة المعلومات دون إطراء غير مبرر أو تقليل من الحجم بتسطيح. ولذا سيكون الحل ويتوقع له ذلك أن يكون ناجحاً لكونه سيبنى على بيانات ومعلومات أو مبررات سليمة وفرضيات واقعية تعكس الواقع الحقيقي، وهذا ما نؤمله من دور إيجابي في وجود المرأة في معترك الساحة السياسية الذي أتفاءل - إن شاء الله - بنتائجه وأبتعد في آمالي ألا يكون الوجود ذا نتائج هامشية لا تساوي قدر تطلعات كل محب لهذا الوطن. كما لا ينسى أن لوجودها أيضا ترتيباً أوفق للأهم فالمهم لكل شؤون المرأة لكونها هي مَن يواجه تلك القضايا وبالتالي معرفة الأولويات. القضايا الاقتصادية للمرأة عديدة في الاقتصاد السعودي، فمنها ما هو متعلق بالتوظيف، ومنها ما هو متعلق بإدارة الأعمال الخاصة بها وأي المجالات التي يمكن أن يفسح لها بمزاولته وغير ذلك من العناوين البارزة حين نرى الصورة الأكبر من مشاركة المرأة في الناتج الإجمالي المحلي. وهذه القضايا تتداخل في كونها حكراً للمرأة وهمومها أو للرجل وهمومه، لكن القاسم المشترك نحو الخروج من عنق الزجاجة لحل هذه القضايا يتطلب وجود المرأة في صُنع القرار.