حين ذهبَ الجيشُ المصريُّ الباسلُ للمشاركةِ في حربِ تحريرِ الكويتِ عام 1991، لم يكنْ هذا الجيشُ خاصًّا بالسيد حسني مبارك، ولا بالسيد جمال، أو علاء، أو حبيب، أو عدو.. كان جيش مصر. وعندما حارب جيشُ مصر بجوار الجيوش العربية، وعاد منتصرًا، ومحرِّرًا للدولة الشقيقة، من دولة شقيقة أخرى -للأسف- عاد الجيشُ لثكناته مكتفيًا بشارات النصر، وأوسمة البسالة، فيما راجت الأنباء عن هدايا (فظيعة)، ليس للقائد الأعلى فقط، وإنّما للصحفيين المشاركين في الحملة الإعلامية، والذين هالهم حجم (الهدية)، كما ذكر ذلك صراحة، وفي جريدة رسمية هي «الجمهورية» رئيس تحريرها الأستاذ القدير محفوظ الأنصاري!. وكان ما كان، واختلفت مصرُ بشعبها، وبجيشها مع السيد حسني السيد مبارك، حيث سقط الأخير، وسِيق إلى السجن، وبدأت المحاكمة. في ضوء ذلك يصبح من غير اللائق أن يتصدّى (محامون كويتيون) للدفاع عن السيد حسني، ومعاداة، أو مخاصمة الشعب المصري. وفي ضوء ذلك أيضًا يصبح من الواجب هنا تحية كل الحكومات، والقيادات العربية التي فصلت بين تقديرها لدور مبارك في حقبة تاريخية معينة، وبين ثورة شعب دولته عليه. ولأن بعض المحامين الكويتيين الذين تصدّوا (إعلاميًّا)، وهبّوا للدفاع عن مبارك، لم ينطلقوا في قرارهم، أو في حملتهم بناء على توجيهات سياسية رسمية، فإن من الواجب أيضًا إزجاء التحية لرئيس جمعية المحامين الكويتية خالد الكندري، وهو يقول: «إن الدفاع عن مبارك شأن مصري داخلي بحت، خصوصًا أننا كشعوب عربية لم نشعر بما شعر به إخواننا من الشعب المصري على مدى السنوات الماضية في ظل مبارك». عمومًا فليهدأ المحامون الكويتيون، وغيرهم، فلن يكونوا «أحن» على مبارك من الجيش الذي طغى حب مصر على حبه لقائده الأعلى، ولن يكونوا «أطيب» من الشعب الذي تحمّل الجوع، والمرض، والبطالة، والمهانة 30 عامًا، وبالتحديد حتى 25 يناير دون جدوى!. ويقينًا لو أن مبارك قد استقال يوم 26 يناير، أو 27، أو ،28 أو 29، أو 30، أو 31، أو 1 فبراير، أو 2، أو 3، أو 4، أو 5، أو 6، أو 7، أو 8، أو 9، أو حتى 10 فبراير لكان هذا الشعب الطيب قد تنازل عن كل شيء -بما في ذلك السجن والمحاكمة- على النحو الذي رآه العالم على الهواء، ويرصده الشعب المصري حتى الآن على وجوه أسر الشهداء التي تم تفريقها بالمصفّحات، وطردها من أمام قاعة المحاكمة.