عبد العزيز بن عبد الرحمن اليوسف - اليوم السعودية يوم الجمعة يوم فضيل وعظيم وهو يوم متكرر، وقد جاء ذكره بالفضل والسيادة على الأيام.. بل ويعدّ عيداً أسبوعياً للمسلم ومن أعظم مجالس ومجامع المسلمين، وتتأكد فيه فريضة مهمة وطاعة كريمة وهي صلاة الجمعة وتتضمّن الجمعة الخطبة التي تعدُّ منبراً مهماً ومعيناً طيباً يساعد المسلم ويوجّهه ويرشده نحو الطاعات وحل المشكلات، ويتلقى من هذا المنبر دروساً نافعة، وعظات ناجعة، وتذكير بالخيرات والعبر، وتحفيزاً على الأعمال الصالحة بل وتتعدد فيها الفضائل وتتنوّع حتى أن ابن القيم الجوزية ذكر خواص يوم الجمعة في ثلاث وثلاثين خاصية. ولا شك في أن تخصيص يوم الجمعة بتلك الفضائل والخواص لدليل على عظمها عند الشارع ولا شك في أن تقييدها بأنواع مخصوصة من الطاعات، وتحييدها بأصناف من العبادات يدلان على قيمتها الدينية وحرمتها ووجوب توقيرها واحترامها بصفتها يوماً دينياً واضح المعالم ومحدّد الفضل ولا يفترض أن توجّه أعمال هذا اليوم الفضيل إلى أعمال ومآرب أخرى. ومن يتابع ما يحدث من مظاهرات أو ما تسمّى ثورات يجد أن يوم الجمعة هو قاسم مشترك بين تلك الجموع المتظاهرة، حيث تم توظيف هذا اليوم لتنفيذ اجندات التظاهر وتمرير شعارات سياسية وإثارة مطالب شعبية بل وتعددت المسميات فصرنا نسمع بجمعة الحسم وجمعة الرحيل وجمعة الثبات وجمعة كذا وكذا.. ما هذا كله؟ هل تم تشويه جمعة الفضائل والطاعة وذكر الله إلى جمع غريبة الأسماء؟.. فتبدلت بذلك فضيلة الطاعة إلى غاية الثورة، وتحوَّل نظام الجمعة إلى فوضى التظاهر، وتغيّرت قيمتها الدينية إلى قيّم دنيوية.. لقد اختطفت أيام الجمع من كونها مناسبة دينية جميلة فحُبست في واقع سياسي،لقد اختطفت أيام الجمع من كونها مناسبة دينية جميلة فحُبست في واقع سياسي، وشوّهت ملامحها الراشدة فوضعت في قوالب مجردة من الحكمة، واستغلت جموع المصلين والمجتمعين لبث رسائل الثورات، ولافتات المطالب، وشعارات مسيّسة.وشوّهت ملامحها الراشدة فوضعت في قوالب مجردة من الحكمة، واستغلت جموع المصلين والمجتمعين لبث رسائل الثورات، ولافتات المطالب، وشعارات مسيّسة.. فحرص الكثير على اجتماع الجمعة ليس لطاعة او صلاة بل لحضور المشهد السياسي والشعبي الذي سيحصل بعد الانقضاء من الصلاة بل كم واحداً من هؤلاء وهو يصلي جمعته يتلهف، ويفكّر، ويشغل ذهنه، ويفسد خشوعه بماذا سيحدث، وماذا سيقول، وماذا سيتم بعد إتمام الصلاة.. وحتى الخطب والخطباء انصرفوا وصرفوا موضوعات خطبهم ووجّهوها نحو الخطاب السياسي وركّزوها على تحفيز الجماهير وتأييد المطالب وفرّغوها من معاني العبرة والموعظة والمنفعة الدينية والاجتماعية. ختام القول: إن تسييس الجمعة واستغلال مناسبتها الدينية وتجمّع الناس للصلاة يقلل من شأنها دينياً فتصبح بذلك رمزاً زمانياً مفرَّغاً من قيمته الحقيقية .. ويتساءل أي عاقل: هل يبنى وطن بهدم فضل يوم الجمعة؟ لماذا تم اختيار يوم الجمعة؟ هل بسبب اجتماعهم للصلاة فيتم استغلال هذا التجمع والاستفادة من الأعداد فقط؟ يأمرنا الله «عز وجل» بترك التجارة والدنيا والمصالح لأجل فضل صلاة الجمعة حين يُنادى لها ثم نجد البعض وظفها وسعى في أمر أدنى كالسياسة؟ فدعوا يوم الجمعة لقيمتها وشأنها وذروا الفوضى، واسعوا لذكر الله إن أردتم أوطاناً حقيقية.