وزير الإعلام يرعى ملتقى المسؤولية المجتمعية الثاني    إسرائيل: وحدة «كوماندوز» بحرية اعتقلت قيادي في حزب الله بالبترون في شمال بيروت    إحباط تهريب (375) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    تعليم الطائف ينهي الاختبارات العملية .. و1400 مدرسة تستعد لاستقبال 200 ألف طالب وطالبة    بلدية محافظة البكيرية تنفذ فرضية ارتفاع منسوب المياه وتجمعات سطحية    في الجوف: صالون أدب يعزف على زخات المطر    المملكة تُعلن عن اكتشاف أكبر موقع تعشيش للسلاحف البحرية في البحر الأحمر    منطقة الجوف تكتسي بالبياض إثر نزول البرد مع هطول الأمطار الغزيرة    فان نيستلروي: يجب أن نكون وحدة واحدة لنحقق الفوز على تشيلسي    الهلال يطوي صفحة الدوري مؤقتاً ويفتح ملف «نخبة آسيا»    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تعقد المؤتمر العالمي لطب الأعصاب    اكتشاف قرية أثرية من العصر البرونزي في واحة خيبر    الأردن: لن نسمح بمرور الصواريخ أو المسيرات عبر أجوائنا    رونالدو يعلق على تعادل النصر في ديربي الرياض    إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبد العزيز الملكية    وسم تختتم مشاركتها في أبحاث وعلاج التصلب المتعدد MENACTRIMS بجدة    حقيقة انتقال نيمار إلى إنتر ميامي    «الداخلية»: ضبط 21370 مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود.    تاليسكا يُعلق على تعادل النصر أمام الهلال    السعودية تعرب عن قلقها إزاء استمرار القتال في السودان الشقيق وتصاعد أعمال العنف التي طالت المدنيين من نساء وأطفال    مرثية مشاري بن سعود بن ناصر بن فرحان آل سعود    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    مثقفون يناقشون "علمانيون وإسلاميون: جدالات في الثقافة العربية"    معدل وفيات العاملين في السعودية.. ضمن الأدنى عالمياً    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    آلية جديدة لمراجعة أجور خدمات الأجرة عبر التطبيقات    أمانة القصيم تقيم المعرض التوعوي بالأمن السيبراني لمنسوبيها    انطلاق فعاليات "موسم التشجير السنوي 2024" ، تحت شعار "نزرعها لمستقبلنا"    الكلية التقنية مع جامعة نجران تنظم ورشة عمل بعنوان "بوصلة البحث العلمي"    هيئة الهلال الاحمر بالقصيم ترفع جاهزيتها استعداداً للحالة المطرية    أروماتك تحتفل بزواج نجم الهلال "نيفيز" بالزي السعودي    ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار سقف محطة قطار في صربيا إلى 14 قتيلاً    وقاء جازان ينفذ ورشة عمل عن تجربة المحاكاة في تفشي مرض حمى الوادي المتصدع    ماسك يتنبأ بفوز ترمب.. والاستطلاعات ترجح هاريس    الحمد ل«عكاظ»: مدران وديمبلي مفتاحا فوز الاتفاق    المذنب «A3» يودِّع سماء الحدود الشمالية في آخر ظهور له اليوم    الرياض تشهد انطلاق نهائيات رابطة محترفات التنس لأول مرةٍ في المملكة    تصعيد لفظي بين هاريس وترامب في الشوط الأخير من السباق للبيت الابيض    حائل: إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بوادي السلف    البدء في تنفيذ جسر «مرحباً ألف» بأبها    مبدعون «في مهب رياح التواصل»    أمير المدينة يرعى حفل تكريم الفائزين بجوائز التميز السنوية بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    الطائرة الإغاثية السعودية السابعة عشرة تصل إلى لبنان    ما الأفضل للتحكم بالسكري    صيغة تواصل    هاتف ذكي يتوهج في الظلام    الدبلة وخاتم بروميثيوس    أماكن خالدة.. المختبر الإقليمي بالرياض    السل أكبر الأمراض القاتلة    الأنساق التاريخية والثقافية    هوس التربية المثالية يقود الآباء للاحتراق النفسي    «الرؤية السعودية» تسبق رؤية الأمم المتحدة بمستقبل المدن الحضرية    عمليات التجميل: دعوة للتأني والوعي    المرأة السعودية.. تشارك العالم قصة نجاحها    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان ملك إسبانيا إثر الفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق بلاده    مدير هيئة الأمر بالمعروف في منطقة نجران يزور مدير الشرطة    أمير منطقة تبوك ونائبه يزوران الشيخ أحمد الخريصي    لا تكذب ولا تتجمّل!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رقيب الإعلام ذو العينين الزرقاوين

من التصوّرات الذهنية التي ترسّخت لدينا عن دول العالم النامية عموماً، وجودُ أجهزة رقابة شديدة فيها، ترصد وتُفلْتِر كل ما يُنشر ويُبث من معلومات. لكن يبدو أن تدفق المعلومات العالمي الرهيب بفضل «الإنترنت» بدأ يزعزع لدينا هذا التصوّر؛ فسيل الأخبار الآتي من الغرب المتطوّر يشير إلى أن كثيراً من مؤسساته الرسمية وغير الرسمية بدأت تضيق ذرعاً بحرية الإعلام وانتقال المعلومات، ومارست بالفعل أشكالاً متنوّعة من الحظر والمنع، لا تليق بالقيم الغربية التي عهدناها تنادي دوماً بحرية التعبير.
لم يعُد للغربي فضلٌ على الشرقي في حرية وسائل الإعلام. من يدَّعي الانفتاح وحرية التعبير، أصبح يمارس الحجب والتعتيم، ليكون لسان حال الإعلاميين شرقاً وغرباً يقول بحسرة: كُلنا في الهمِّ شَرقُ.. وغربٌ! لم يعد ذلك الرقيب الإعلامي العربي مكْفهرَ الوجه مفتولَ الشوارب مُعتمَر الكوفية يعيش في مخيلاتنا وحيداً؛ بل أصبح يشاركه وحدته ذلك الهادئ الوسيم أبيض البشرة ذو العينين الزرقاوين مرتدي البدلة المزيّنة بربطة عنق أنيقة.
رئيس الوزراء البريطاني «ديفيد كاميرون» ألقى اللوم في أعمال الشغب الأخيرة التي هزّت لندن على الشبكتين الاجتماعيتين «فيسبوك» و«تويتر»، حيث قال: «حرية تدفق المعلومات يمكن أن تكون مشكلة أحياناً».
وتابع: «سيصاب الجميع ممن يشاهدون تلك الأعمال المروّعة بالدهشة عندما يعلمون أنه تم تنظيمها عبر الشبكات الاجتماعية». ولمّح «كاميرون» إلى إمكانية حجب الشبكات الاجتماعية الإلكترونية عندما قال إن مسؤولين حكوميين يعملون مع السلطات «للنظر في قانونية منع الناس من التواصل عبر هذه المواقع والخدمات الإلكترونية».
لم يعد للغربي فضلٌ على الشرقي في حرية وسائل الإعلام. من يدَّعي الانفتاح وحرية التعبير، أصبح يمارس الحجب والتعتيم، ليكون لسان حال الإعلاميين شرقاً وغرباً يقول بحسرة: كُلنا في الهمِّ شَرقُ.. وغربٌ! لم يعد ذلك الرقيب الإعلامي العربي مكْفهرَ الوجه مفتولَ الشوارب مُعتمَر الكوفية يعيش في مخيلاتنا وحيداً؛ بل أصبح يشاركه وحدته ذلك الهادئ الوسيم أبيض البشرة ذو العينين الزرقاوين مرتدي البدلة المزيّنة بربطة عنق أنيقة.وخلال أحداث الشغب الماضية التي اجتاحت لندن، استدعت الحكومة البريطانية مسؤولي الشبكتين الاجتماعيتين الشهيرتين «فيسبوك» و«تويتر» مع شركة «آر آي إم» مصنّعة أجهزة «بلاك بيري» لعقد اجتماع لمناقشة دورهم في اندلاع العنف.
وأبدت الشركة المصنّعة لأجهزة «بلاك بيري» تعاوناً كبيراً مع سلطات الأمن البريطانية لمنع أعمال الشغب، دون إعطاء الإعلام أية تفاصيل عن كيفية تعاونها ومداه، وفق ما نقلته «الغارديان».
الغريب أن الشركة المصنّعة لأجهزة «بلاك بيري» نفسها كانت قد عانت في دول الخليج بسبب المخاطر الأمنية المحتملة لبرنامج تراسل النصوص الخاص بها (الماسنجر) العابر بحرية للحدود، ولم تُبدِ تعاوناً كافياً مع أجهزة الأمن الخليجية، إلا بعد أن تم تهديدها بوقف خدمتها. بل إن جهات غربية عديدة، رسمية وشبه رسمية، استنكرت موقف دول الخليج من منع «بلاك بيري» من نقل المعلومات بحرية.
والآن، نرى «بلاك بيري» تسارع تلقائياً، وبكل رحابة صدر، إلى خدمة بريطانيا والسهر على أمنها، بعد اتصال هاتفي واحد فقط، ودون جولات مفاوضات مطوّلة كما حدَث في الخليج!
موقع «فيسبوك» هو الآخر أصابته حُمَّى الحجب، فأخذ يحجب صفحات يستضيفها بسبب ودون سبب. فقد تم حجب صفحة «الانتفاضة الثالثة» الفلسطينية بسبب اعتراض إسرائيل، مع أن «فيسبوك» يعجّ بالصفحات التي تحمل طابعاً عنصرياً وعدائياً سافراً تجاه الفلسطينيين والعرب عموماً.
وأصبح الموقع لا يقبل فتح أي حساب جديد يحوي عنوانه كلمة «فلسطين». وحَجَبَ موقع «فيسبوك» أيضاً مواقع إخبارية «عادية» للإخوان المسلمين في مصر، وصفحة للنساء السعوديات المعترضات على قيادة المرأة السيارة (حملة أبي حقوق، ما أبي أسوق)، مع امتناع الموقع عن ذكر أية أسباب تُسوِّغ إجراءات الحجب هذه.
كما سعت المؤسسات الحكومية الغربية إلى ممارسة الوصاية حيناً، والتعتيم حيناً آخر على وسائل الإعلام. وكان الرئيس الأمريكي السابق «جورج بوش» قد فرض تعتيماً على الأخبار من جبهات الحرب في أفغانستان والعراق، ما أثار شكوك الإعلاميين بأن الحكومة الأمريكية ربما تحاول إخفاء الخسائر البشرية والمادية الفادحة لجحافلها في الشرق.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) قد منعت هذا الشهر وسائل الإعلام من تغطية عودة جثامين30 جندياً أمريكياً قُتلوا مؤخراً في أفغانستان جراء إسقاط مروحيتهم. وأيضاً، حَجَبَ سلاح الجو الأمريكي عن موظفيه 25 موقع إنترنت، من بينها «ويكيليكس» وثلاث صحف عالمية شهيرة، هي «نيويورك تايمز» الأمريكية و«الغارديان» البريطانية و«دير شبيغل» الألمانية، التي اشتركت في نشر مئات آلاف الوثائق السريّة الأمريكية.
الأمثلة أعلاه تبيّن أن هنالك دوماً خطوطاً حمراء تُرسَم عندما تَمسُّ حريةُ الإعلام وانتقال المعلومات مسألةَ الأمن القومي، وتستوي في ذلك دول الغرب مع الشرق. إلا أن ما يميّز دول الغرب عن مثيلاتها الشرقية قوة قوانينها التي تؤطِّر لصلاحيات الإعلام وتحفظ حقوقه وتحمي دوره، وتحمي في الوقت ذاته حقوق وخصوصية الأفراد والمؤسسات من الانتهاك والتعدِّي.
إلا أن الهاجس الذي يبقى مؤرِّقاً شرقاً وغرباً هو أن يُستعمَل الأمن القومي أداةً لخنق «الضمير» في وسائل الإعلام بأشكالها المختلفة من أجل تضليل الرأي العام أو إشاعة الذعر فيه، لتحقيق مطامع سياسية آنية دنيئة، أو للتستر على جرائم الظلم والفساد والاستبداد.
لِيَحضُرَ رقيب الإعلام شرقاً وغرباً، فلا بأس بوجوده ما دام مقصُّهُ مُسلَّطاً لحفظ أناقة حرية التعبير ولباقتها.. لا لِقطْعِ لسانها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.