تحتاج لكاريزما معينة كوجه تلفزيوني لتتحول كلمات بسيطة ترددها إلى مصطلح يتم تداوله في الشارع والبيت والمدرسة، وأظن أن هذه الكارزما يمتلكها فايز المالكي بلا منازع, أضف إلى ذلك أن فايز لا يحبذ فكرة التصادم المباشر مع المجتمع، كما أنه حريص على شعرة معاوية مع جمهوره، وخصوصاً في احترامه للمشاهد بعدم تقديم مشاهد خارجة عن الأدب مثل التي أصبحنا نراها في المسلسلات، لكن الناس لا يخشون على أطفالهم من ذلك فقط، فهناك أفكار تسللها إلى عقل الطفل أخطر على مجتمعنا من المشاهد "إياها"؛ لذا سيؤسفني كمشاهدة أن ينجح ممثل كفايز المالكي في تسويق مصطلحات معينة مثل: "يعنني" و"مع نفسك"، ولا ينجح في نشر فكر هادف وبناء، وكما يقول تتر مسلسل "سكتم بكتم" إنه نبض الشارع؛ أي إنه مهتم بما يشغل الرأي العام في بلادنا من قضايا، والتي يبدو من حلقات المسلسل أنه اهتم بعرضها والبحث عن حلول لها، لكن في رأيي الخاص تم عرضها بطريقة بدائية، مما لم يسهم في حلها بل أثار مشكلات كامنة تؤثر في مجتمعنا مثلما حدث في حلقته التي ناقش فيها القبلية، فسمو الغاية التي هدف لها قضى عليه الأسلوب الذي استخدمه، بل قاد ذلك إلى التجاوز والإساءة لفئة من مجتمعنا، إن هذا الخطأ تكرر بطرائق أخرى تجعلنا نتساءل: هل أصبح (التهريج) هو الطاغي على ما يقدم وهو الشيء الذي لا يحتاج إليه المسلسل؟ فهناك طاقم ممثلين جيد وقادر على انتزاع الضحكة، لكن يبدو أن المسلسل والقائمين عليه يظنون أنهم ما يزالون هواة ومبتدئين، وهم ليسوا كذلك، ولا نحن المشاهدين سنتقبل منهم هذا العطاء، وبخاصة أن نطاق المنافسة يتسع وتدخله يومياً فرق تمثيل تلمس لديهم الثقافة والقدرة على التغيير، مثل فريق "على الطاير" اليوتيوبي الذي شد الكثيرين دون الاعتماد على أسلوب التهريج واللعب على نغم الإعاقات والقصور العقلي الذي ينتهجه كثير من فناني الكوميديا في المملكة. إن العمل الجيد يحتاج لقصة جيدة، والقصة الجيدة تحتاج لسيناريو جيد، وكل ذلك يجب أن يقدم للجنة استشارية متخصصة في علم النفس والقانون وعلم الاجتماع، تراجع المسلسل وتقوّمه وترسم للممثلين طريقهم الذي يقدم الحل دون إيقاظ مارد التعصب والسخرية والتنابز بالألقاب والتعرض للدين والقيم التي يقوم عليها المجتمع، إن ما أقوله هنا هو المعمول به في شركات الإنتاج، ليس في أميركا فقط ولكن حتى جارتنا القريبة مصر، فلا أحد فيها يعمل مع نفسه فقط.