عبدالله آل ملحم - اليوم السعودية الهياط مفردة حديثة دخلت قاموس شبابنا في السنوات الخمس الماضية، واستعمالها غالبا ما يكون للتعبير عن الكذب المُتعاظم لدى من يفترون القول، ويحسنون روايته، المُتصف بهذا الفعل يسمى بلغة شبابنا مهايطي، وبتصريف آخر يمكن أن تصبح الصفة فعلا ماضيا، أو مضارعا، أو أمرا، ليقال: هايطَ، يُهايط، هايط، وأصل الكلمة فصيح لا غبار عليه وإن توهم البعض أنه عامي، وفيه يقول ابن منظور في لسان العرب: "الهياط والمُهايطةُ: الصِّياح والجَلَبة" وهو قريب من المعنى الذي يقصده الشباب، شريطة أن يكون الكلام أو بعضه مكذوبا، ومؤدى بأسلوب مسرحي، تشترك فيه حركة الأيادي، وتعابير الوجه، لدى تناغمها مع نبرة الصوت علوا وانخفاضا، وعليه فالمهايطي بحسبهم من يتعمد تنميق الأكاذيب مع المبالغة في عرضها، والتشدق في روايتها، ليوهم الآخرين بصدق ما يتحدث به . حتى أكون منصفا الهياط ليس صفة بعض شبابنا وحدهم، ولكنه شأن كثيرين غيرهم، والفرق بين المُقرين بمُهايطتهم وسواهم أن الشباب صادقون مع أنفسهم، فإذا ما جوبهوا بتكذيب ما يتحدثون عنه لم يكابروا وأقروا أنهم كانوا يُهايطون، أما سواهم كما بعض المثقفين فيهايطون ويزعمون أن إفكهم إبداع يبحث عمن يفهمه، ويتذوقه، ويعيشه، من آخر أنواع الهياط الثقافي - عافانا الله وإياكم - اندفاع بعض المثقفين للفوز بجوائز أدبية لم يستحقوها، ولكن وجود مهايطية في لجان تلك الجوائز يسهل لهم الوصول لغايتهم، وبالطبع فالمهايطية على أشكالها تقع، المؤسف أن المتورطين في هذا النوع من التدجيل: كتاب، ونقاد، وأكاديميون، وإعلاميونويتماها معه، وبنحو عبارات: النص المفتوح، والدلالة المفتوحة، واللاجنسانية للنص، مرورا بإسقاط كل المرجعيات فيقال الكثير، وعند التحقق فما ثم إلا تطبيل لتلميع شاعر وشاعرة، أو قاص وقاصة، أو روائي وروائية، نفختهم أبواق التزمير، حتى جعلتهم (مبدعين) يشار إليهم بتدليس ظاهره الوضوح، ومخاتلة ظاهرها الصدق، ومبالغة ظاهرها الاستحقاق، وهم في كل ما هم بصدده يزعمون أن هياطهم نقدا يبتغون به الفن والإبداع، وإن لم يكن هنالك فن أو إبداع من أي نوع ! من آخر أنواع الهياط الثقافي - عافانا الله وإياكم - اندفاع بعض المثقفين للفوز بجوائز أدبية لم يستحقوها، ولكن وجود مهايطية في لجان تلك الجوائز يسهل لهم الوصول لغايتهم، وبالطبع فالمهايطية على أشكالها تقع، المؤسف أن المتورطين في هذا النوع من التدجيل: كتاب، ونقاد، وأكاديميون، وإعلاميون، كل منهم له ليلى يهايط لها وعليها، ووعي القارئ وفكره وثقافته ضحية لا تجد من يحمي مستهلكها الثقافي، وقد تواطأ الكثير على تمرير هياطهم في قوالب الموضوعية والعلم والفن والإبداع .