شدني خبر نشرته إحدى الصحف المحلية يوم الأحد الماضي يشير إلى وجود أكثر من 27 ألف وظيفة تعليمية يشغلها غير السعوديين في وزارة التربية والتعليم لوحدها! وكنت عندما أكتب عن توطين الوظائف أو أتحاور مع المهتمين والمختصين بهذا الشأن لا أتخيل مطلقاً أن يكون هناك وظائف يشغلها غير السعوديين في قطاعات حكومية معينة كوزارة العدل مثلاً أو وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد أو وزارة التربية والتعليم أو الرئاسة العامة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما شابهها نظرا لخصوصية طبيعة المهمة ولوجود أعداد ضخمة من الخريجين السعوديين في مجالات أعمالها لكن هذا الخبر شدني كثيراً و(أحبط) أملي في مسألة توطين الوظائف! ذلك أنّ هناك طوابير لا تحصى من الخريجين طالبي العمل ومستعدين له في أي مكان وفي أي مجال، بينما يلتهم أكثر من (27 ألف) وافد وظائفهم التي يفترض أن لا يقوم بها إلا هم! الوظائف التي يعمل بها غير السعوديين بوزارة التربية والتعليم حسب الإحصائيات التي ذكرتها الوزارة ليست من تلك الوظائف التي تتطلب تخصصات لا توجد في هذا الوطن أو أنها تتطلب مهارات لا يستطيع القيام بها ابن أو ابنة هذا الوطن، الوظائف (للأسف الشديد) تتمثل في وظائف معلمين ومعلمات بمدارس رياض الأطفال ومدارس المرحلة الابتدائية والمرحلة المتوسطة وكذلك الثانوية ومدارس التربية الخاصة وتعليم الكبيرات وغيرها! هذه الوظائف في القطاع الحكومي من التربية والتعليم، فماذا عن القطاع التعليمي الخاص التابع لوزارة التربية والتعليم أيضاً؟! أعتقد أن الرقم سيكون مضاعفاً وبهذا ربما نستطيع "لو أردنا" توفير ما لا يقل عن (50ألف) وظيفة تعليمية للسعوديين والسعوديات في قطاع التربية والتعليم فقط! وهي وظائف كما قلت سابقاً لاتحتاج إلى مهارات غير متوفرة أو قدرات خارقة أو تأهيلاً لا يمكن الحصول عليه إلاّ من الخارج!! هناك عدد ضخم من الأقسام الأكاديمية بجامعات الوطن في تلك المجالات التي تخرج الكثير من أبناء وبنات هذا الوطن الذين يصطفون يومياً في طوابير البطالة، ولذا فإنّ من المهم جداً النظر في سرعة تمكينهم من العمل في الوظائف التي تمت الإشارة إليها والتي يشغلها غير السعوديين.. وفي حالة نقص أعداد طالبي العمل عن تلك الوظائف أو عدم حصولهم على التأهيل المناسب فإنّ تجربتنا الرائدة في معهد الإدارة العامة من حيث برامج إعادة تأهيل الجامعيين جديرة بالتطبيق لمعالجة هذا الخلل حيث يمكن العمل على إعادة تأهيل خريجي الجامعات لمدة عام كاف بشكل مكثف على سبيل المثال ليكونوا مؤهلين للقيام بتلك الوظائف التي يشغلها غير السعوديين .. أعتقد جازماً أنّ أصل المشكلة في مسألة بطالة السعوديين لم يتم الغوص فيها بعد، ولذا فإنّ غوصاً شبه عميق "وليس عميقاً" فيها يتم من خلاله النظر في كافة قطاعاتنا الحكومية والخاصة والخيرية يمكن أن يعمل على حل تلك المشكلة فلا يوجد من شبح بطالة السعوديين إلاّ اسمها.. هناك قطاعات حكومية وخاصة تحتاج لمزيد من النظر في مسألة توطين وظائفها ربما يقف في مقدمتها أيضا وزارة الخارجية بسفاراتنا وقنصلياتنا في الخارج وغيرها وأجزم أن جهدا من هذا النوع سيجعل البطالة شيئاً من التاريخ المنسي الذي نضحك منه بدلاً من أن يضحك هو علينا.. فهل نرى ذلك في قادم الأيام.. إنها رغبة وهناك فرق بين الرغبة والقدرة .. فهل تتحول الرغبة عند الجميع إلى قدرة تحقق مكاسب للوطن.. إنها أمنية والرأي لكم.