الحمدلله وبعد،، قبل دقائق فقط كنت في منزل شيخنا المحدِّث عبدالله السعد –حفظه الله- لتعزيته بوفاة والدته رحمها الله، وقبل أن أغادر الجلسة دعاني أحد الجلوس، وأخذني في ركن قصي من المجلس، وعرَّفني بنفسه، وقال سأحكي لك قصة ربمها تهمك. أخبرني صاحبي هذا أنه أحد ملاّك شركة (مجموعة السلمان للعود والزعفران والعطورات الشرقية)، ومركزهم الرئيس في المعيقلية في الرياض، وقال أن أحد عملائنا في الشركة، هو الأخ سليمان الدويش –فرج الله كربته-، وقد كان الأخ سليمان يشتري منا الزعفران بكميات بالجملة، ويعيد بيعها بالتجزئة، وكان يشتري منا بالآجل، وبيننا وبينه فواتير ومعاملات، وكانت الأمور على ما يرام. وقبل فترةٍ قصيرة اتصل بنا رجلٌ وقال أنه من طرف الأخ سليمان الدويش، وأنه يريد أن يسدد عنه مبلغ آخر فاتورة، وقيمتها ثلاثون ألف ريال. يقول صاحبي قلنا له: من أنت؟ وأين الأخ سليمان الدويش؟ عسى ماشر؟ فقال لنا الرجل: (الدويش ورا الجدار.. الدويش ورا الجدار!) . لم نفهم مراده، فقلنا لنا: ماذا تعني أنه وراء الجدار؟ قال: الدويش مقبوض عليه، وهو في سجن المباحث، وقد اتصل بأهله قبل ساعات وأوصاهم وأكّد عليهم بسداد الفاتورة لكم، وأنا من طرف عائلته. يقول صاحبي قلنا له: نحن لا نريد سداد الفاتورة الآن، لأن أبناءه وأهله أحوج منا في هذه الفترة الحرجة للمال، وإذا خرج الأخ سليمان بإذن الله يستطيع السداد. فألح هذا الرجل وقال: أن الأخ سليمان ألح علينا بالسداد. يقول صاحبي: وفعلاً، سددت عائلة الشيخ المبلغ، ونحن لم نطالبهم بشئ، وإنما بسبب إلحاح الأخ سليمان الدويش من سجنه. ثم يكمل صاحبي: لقد ذهبت لتويتر، ورأيت التصريح الذي نُشِر من كون الأخ سليمان الدويش هاتف أهله لأول مرة، وكان تلك المهاتفة الأولى بعد (18) يوماً من اعتقال الدويش، وهو نفس اليوم الذي اتصل بنا وكيله للسداد، فتعجبت من كون الأخ سليمان الدويش في أول مهاتفةٍ لأهله يتذكر هذا المبلغ، ويلح على أهله بسداده، وهم بهذه الحال الصعبة التي يتناسب معها التأجيل! انتهى صاحبنا من رواية القصة، شكرته، ودعوت له لقاء موقفه الشهم في إتاحته الفرصة لعائلة الأخ سليمان الدويش لتأجيل دفع المديونية، ولازلت مندهشاً من هذا الحرص على وفاء الحقوق لأهلها من رجل يقبع بين القضبان، وفي أول مهاتفةٍ لأهله، وفي وضع حرج يحتاج فيه أهله للمال! اللهم ارحم المشترين الأوفياء الذين قاموا بحق قولك في مطلع سورة عظيمة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)[المائدة، 1] واللهم بيض وجوه ذوي الشهامة من البائعين الذين قاموا بحق قولك (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ)[البقرة، 280] والله أعلم،،