كل مرة نقول إن سوقنا مفتوحة البطن ولم تجد من يخيط جراحها، فهي سوق ليس لها أي قيد أو شرط سواء على مستوى السلع المعروضة أو على مستوى العمالة غير المدربة والممسكة بكل شيء. هذا الإمساك يخنقنا ولا نجد مناصا من التعامل مع تلك العمالة مطلقة اليد وسيئة التدريب والتنفيذ. وإذا كانت وزارة العمل ما زالت تفكر في تحمل مسؤولياتها من خلال إظهار النية بإبراز خطط قادمة تستهدف الحد من هذه العمالة غير المدربة فنحن نصيح بها: أكل هذا (العك) وما زلت تفكرين في سن القوانين؟ كان يفترض بوزارة العمل ومن وقت مبكر الالتفات الى نوعية العمالة المتواجدة في السوق، وكان من المفترض ان تعلم ان هذه العمالة تتسبب في خسائر فادحة للمواطنين من خلال ما يقومون به من أعمال لا ترقى الى درجة الاتقان ولو بنسب متوسطة. إذن لنحمد الله على همة الوزارة وإظهارها النية في استصدار قوانين ولوائح تخضع العمالة الوافدة للحد الأدنى من الإجادة، لكن بطء تجاوبها مع ما اقترفته تلك العمالة من سوء خدمة طوال كل هذه المدة يجعلنا نتوقع ان تصدر لوائح الوزارة المنظمة «بعد تشكيل اللجان ودراسة الواقع ورفع التوصيات» في السنة التي «تخسف» بنا الأرض. ولأن الهمة زايدة، نجد أن المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني عزمت أيضا على إنشاء 40 معهدا تقنيا عاليا للفتيات في كافة التخصصات بنهاية العام المقبل لتوفير فرص وظيفية مناسبة لهن. وهو خبر مفرح لو كانت سوقنا مفتوحة للنساء، فربما كانت المؤسسة خارج البلد عندما حدثت «حرب الكاشيرات»، لذلك فهي لا تعلم أن إدخال النساء الى سوق العمل سباكات او كهربائيات أو حدادات سوف يقيم حربا كلامية تنتهي فيها الاحبار والاوراق، مما يجعلنا في حالة استيراد ورق وأحبار وربما «فزيعة كلام» كي يتم توطين هذه المهن بالنساء. وإن استطاعت المؤسسة المضي في مشروعها من غير تدخل المعطلة والمرجفة، فهو مشروع صائب خاصة أن المعاهد التقنية ذات الشراكات الاستراتيجية تستهدف تمكين الفتيات السعوديات من خوض تجربة العمل، بعد تدريب من قبل خبراء عالميين. وإذا علمنا ان هذا المشروع (20 معهدا) يشمل جميع مناطق المملكة بقيمة 2.5 مليار ريال، هو مشروع وطني حقيقي يجب ألا يعطل بسبب تفيهق المتفيهقين، أما اذا كانت نتيجته كنتيجة «حرب الكاشيرات» فحرام صرف كل هذه المبالغ المالية من أجل إقامة مبان لن يدخلها الا الريح! نتمنى نجاح المشروع، وأن تصمد وزارة العمل من أجل تحسين سوقنا بأيد ماهرة، والقضاء على البطالة، وإحياء روح العمل اليدوى لدى الشاب والشابة. المهم أن تكون لديها قوة دفع للأمام من غير تعطيل المراكب السائرة.