1 هذا زمن الاختلاط، وأعني هنا الاختلاط الأكبر لا الأصغر، اختلاط الأفهام والأولويات والمنافع والأضرار. الاختلاط الذي عادة ما يسبق ترتيب الأشياء. ألسنا معتادين دوماً على خلط الأوراق قبل فرز الفائزين؟! 2 في دائرة الأحداث العربية الهائجة الآن، توصف دول الخليج العربي بأنها الأكثر استقراراً، وهذا صحيح على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي الآني، لكنه قد لا يكون صحيحاً على المستوى الإستراتيجي البعيد المدى. لأن الممانعة ضد التغيير، هكذا من دون تكييفات وتعديلات في جسم الدولة، ستضعف المناعة / الممانعة فتصبح الانتكاسة لاحقاً أشد وأنكى. 3 بقي الناس لأيام طويلة، وما زال معظمهم رغم الانشغال بالأحداث الكثيرة المحيطة، منشغلين بتفسير قرار ضم الأردن والمغرب إلى مجلس التعاون الخليجي. تطايرت التفسيرات والتعليقات والنكات .. لكن من دون القدرة على إيجاد تفسير محكم للقرار. وإذا أبدع أحدهم في تفسير ضم الأردن .. طأطأ رأسه أمام سؤال المغرب؟! اختلطت الأوراق أكثر الآن، حين بزغت وبقوة الدعوة إلى وضع دول الخليج تحت مظلة اتحاد كونفدرالي تكون لديه قيادة موحدة وجيش متحد وقرار خارجي دبلوماسي وحدوي واقتصاد ونفط وقوة مالية واحدة. وكانت صحيفة «السياسة» الكويتية قد أجرت في أواخر نيسان (أبريل) الماضي استطلاعاً للرأي شارك فيه قرابة 2500 شخص، «أبدى 66 في المئة تأييدهم فكرة إنشاء اتحاد كونفدرالي يضم دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة أطماع الجمهورية الإيرانية وأفكارها التوسعية». وقد أبدى المؤيدون حماسهم للفكرة خصوصاً بعد تعالي نبرة التهديد الإيرانية ضد دول مجلس التعاون. لا شك في أن فئة من أهالي الخليج لن تؤيد فكرة الكونفدرالية، من منطلق طائفي، لأنها لا ترى التهديد الإيراني الذي يراه الآخرون! لكن بعيداً من التصنيفات الطائفية، ستظل هناك فئة أخرى أيضاً متمنعة أو مترددة في قبول فكرة الكونفدرالية، وهذه لن تكون من الدول الخليجية الكبرى جيوسياسياً أو تاريخياً، لكنها ستأتي من دول بدأت للتوّ تحس بالانتعاش والبروز والتلألؤ في سماء الأحداث العالمية، فكيف ستقبل الآن بالانطفاء تحت غطاء الاتحاد الكونفدرالي الذي أتى في غير وقته؟! 4 أيّ الفكرتين التحالفيتين ستحظى بالقبول الأكثر: إغلاق مجلس التعاون الخليجي بتحويله إلى الاتحاد الكونفدرالي الخليجي، أم فتح مجلس التعاون الخليجي وتحويله إلى مجلس التعاون العربي .. بضم الأردن والمغرب؟! لا يهمنا أي الصيغتين تتحقق قدر اهتمامنا بأن يتحرك مجلس التعاون بعيداً عن المربع رقم واحد!