فضحتنا يا « الحبيب « قبل أن تفضح نفسك ! محمد الرطيان نقطة في أول السطر لأنني – بصراحة – لا أعرف أين سينتهي السطر لأضعها في آخره ! بل أنني لا أعرف من أين أبدأ : فالموضوع شائك وخطير و ( ملخبط ) وأكبر من الدكتور طارق الحبيب ، وردود الفعل التي هي في الغالب غاضبة ، وسطحية وعاطفية أحيانا ً ... سأواصل الثرثرة المبعثرة حتى يصرخ صوت ما في داخلي ويقول لي : أصمت ! ( عاشراً ) عندما غضبنا من كلام طارق الحبيب هل كانت غضبتنا " وطنية " كما قالت أغلب اللافتات الغاضبة ، أم أنها كانت غضبة قبلية / مناطقية ؟ .. حسنا ً ، من سيقول أنها غضبة وطنية سأطرح عليه هذا السؤال : وأين كانت " وطنيتك " عندما كانت عشرات المنابر ومئات الأصوات تشكك في ولاء منطقة بأكملها لأنها من مذهب مختلف ؟.. ستصمت .. أو ستمارس المراوغة كي لا تفوح عنصريتك بشكل آخر ! .. الحقيقة أنك لا تُفرق بين " الولاء " و" الانتماء " .. ولا تعرف أن الولاء : واحد ، والانتماءات : متعددة .. وتظن – في قرارة نفسك – أن من تكون انتماءاته مختلفة عنك فأن ولاءه مشكوك فيه ! الحقيقة – وبصراحة نخاف من مواجهتها – أننا وبنسب مختلفة : جميعنا عنصريون ! ( خامساً ) عندما تقارن بين مواطنين : أحدهما يعيش في منطقة .. كأن التنمية خلقت من أجلها ! وآخر يعيش على الأطراف – في منطقة أخرى – في قرية نائية .. ما تزال تحلم في وصول الكهرباء والماء إليها !... أحمق من يظن أن الولاءات ستكون واحدة ، وأكثر حماقة من يُربكه تنوع الانتماءات . هنا لا تُحاسب المواطن .. حاسب الأجهزة التي تُفرق بين منطقة وأخرى ، وحاسب المسئول الذي يزور كل فترة المنطقة الأولى ، ولا يعرف اسم القرية في المنطقة الأخرى . ( سابعاً ) على فكرة : لا تنسَ عزيزي القارئ أنك تعيش في بلد " عدم تكافؤ النسب " .. وأننا – أنا وأنت وهم – الذين ابتكرنا : خط 110 وخط 220 ، وطرش بحر ، وبدوي ، وخضيري ، وصانع ، وروافض ونواصب ، وشمالي وجنوبي ، وشيخ وراعٍ ، و ... و ... إلى ما لا نهاية من المفردات العنصرية . دخيلك – عزيزي القارئ – لا تتدعِ الوطنية وعقلك ما يزال يحفظ هذه الكلمات ويرفض أن ينساها أو يتجاوزها ، ويحدد علاقاته على ضوئها .. أو بالأصح : على ظلامها ! (ثانياً ) لا أعرف الدكتور طارق الحبيب شخصيا ً ، ولكنني أزعم أنه ليس خبيثا ً ، بل أظنه بريء حد السذاجة ، فلو كان فيه شيء من الخبث لما دخل إلى هذه المنطقة الشائكة / المليئة بالألغام دون أن يحمل معه كاشف الألغام .. أراد أن يتحدث علميا ً في قضية تدخل فيها القبلية والمناطقية والمذهبية .. وتتحكم فيها العاطفة أكثر من العقل . الذي قاله الحبيب يُقال يوميا – وبأشكال مختلفة – في المجالس الخاصة ، ولا يعني منطقة محددة .. بل يتجه لكافة المناطق ! الذي قاله الحبيب يُكتب يوميا في المنتديات لأناس يختفون وراء أسمائهم المستعارة .. هم : نحن ! الذي قاله الحبيب نعرفه .. ولكننا لا نريد أن نسمعه علانية ! هذا لا يعني أنني أتفق مع الحبيب – معاذ الله – بل أرفضه تماما ، ولكن هذا ما يُقال .. وعلاجه : لا يتم برفضه ، بل بالسؤال : لماذا يُقال ؟ .. وما هي أسبابه ؟.. وكيفية القضاء عليه ؟.. وبفك الالتباس بين ( الولاء ) و ( الانتماء ) .. والتفكير ب : كيف نجمع بينهما ؟ ( رابعا ً ) تعالوا لنضحك قليلاً على بعض ردود الفعل : الكثير من ردود الفعل الغاضبة من " عنصرية " الحبيب .. بفورة غضبها ردت عليه بكلمات عنصرية ضد منطقته .. خوش وطنية !! الكثير من المشايخ – جزاهم الله خيرا ً – ردوا عليه وهم يُذكرونه بالوطن الواحد وأهمية الوطنية ، ونسوا خطابهم الذي لا يعترف بهذه " الوطنية " وحتى الأمس القريب كان يسميها " الوثنية " ! أحد الأصدقاء كان غاضبا ً جدا ، وثرثر كثيرا ً عن الوطنية . قلت له : نسيت أيام برنامج " شاعر المليون " عندما كنت تصوّت لابن قبيلتك في البلد المجاور ضد ابن بلدك وجمعت له عشرات الآلاف لكي يفوز باللقب ؟! الأكثر طرافة ومرارة: أن المتسابق السعودي كان يحظى بالدعم من دولة مجاورة !! ( تاسعاً ) هل يوجد قانون يحميني من الذي يشتمني أو ينتقص مني أو يقصيني بسبب اختلاف قبيلتي وأصلي ، أو منطقتي ، أو مذهبي عن الآخر ؟. الإجابة : لا ! ( ثالثاً ) أين الحل ؟.. في مؤسسات الدولة : عليها أن تلغي من ذهني شيئا اسمه مناطق ، لكي أشعر أنني أنتمي إلى منطقة واحدة كبرى / هي الدولة نفسها .. ولا أشعر لحظتها بالفرق في ( الحقوق ) بيني وبين بقية الجهات , ولحظتها ستحظى بنفس ( الواجبات ) مني ومن الآخرين . عليها أن تستوعب أن تنوع ( انتماءاتنا ) ثراء ، ولا يناقض الولاء و يُنقص منه . عليها أن تجد الطريقة – عبر سن القوانين والبرامج – لكي تتجه هذه الانتماءات – وتذوب – في ولاء لوطن واحد . على مؤسسات التعليم أن تؤسس النشء على وطنية حقيقية .. وأن تتلف كافة كتبها التي لا تفرق بين الوطنية والبيان السياسي ، ولا تفرق بين الدولة والحكومة . على الإعلام أن يهتم بالانتماء ضعف اهتمامه بالولاء .. هو في النهاية سينتج الولاء الحقيقي الذي يجعل " الدولة " : عائلتي وقبيلتي ومذهبي ومنطقتي الوحيدة . على القانون أن يعترف أن انتقاص وطنية أي مواطن – دون إثبات – هي جريمة يعاقب مرتكبها بأقسى الأحكام . ( أولاً ) - ما الفرق بين الانتماء والولاء لدينا ؟ حاولت أن أجيب على هذا السؤال في مقال سابق ، وقلت : الولاء: ل (شخص) .. الانتماء: ل ( شعب) . الولاء: ل (لحظة) في عمر الزمن.. الانتماء: ل (تاريخ ) بأكمله. الولاء: لأشياء زائلة.. الانتماء: لأشياء أبدية. الولاء: انحياز لفرد.. الانتماء: انحياز لمجموع. الولاء: انتماء لأشياء صغيرة.. الانتماء: ولاء لأشياء كبيرة. الولاء لا يمكنه أن يصنع (انتماءً) حقيقيًّا.. وإن صنع شكلاً من أشكال الانتماء.. فهو انتماء مزيّف! الانتماء: ولاء حقيقي. الولاء: انتماء مؤقت. الانتماء: ولاء دائم. لا تجعلني كائنا مسخا.. كائنا لا منتميا! أعطني كل ما يشعرني بالانتماء لك، وللأشياء التي حولي.. وأعطك الولاء. ( سادساً ) س : كم مسئولا ً كبيرا ً في الدولة أتى من الشمال أو الجنوب ؟ (صفر) عزيزي القارئ .. تستطيع أن تنسف هذا المقال بطرح هذه الأسئلة : وما هي الوطنية ؟.. ومن هو المواطن ؟.. وماهو الوطن ومؤسساته ؟ **** الصوت الداخلي : أصمت !! ملاحظة : عندما تسأل أحدهم : ما هي " الوطنية " ؟ عليك أن لا تُصاب بالفجيعة عندما يجيب : " الوطنية " هي شركة دواجن !!.. فهي – بشكل ما – إجابة صحيحة . ( ثامناً) : اختفت من المقال لأسباب إنسانية ! ( نقلاً عن المدينة السعودية )