يحزنني أن أرانا في صحافتنا السعودية ننشغل بقضايا لن أقول تافهة هي أقل أهمية مما يجب أن ننشغل به، من قضايا تتعلق بأمننا الوطني والحفاظ على لحمتنا وتآخينا ووقوفنا بجنب بعضنا لكي لا يطمع فينا الأعداء، فالتفكك والخصومة تجعل الأوطان مطمعا للطامحين. هذا هو مشهدنا الإعلامي مع الأسف الشديد، إلا أن هناك بعض الأمل في النابهين الذين يعملون في الاتجاه الصحيح. استضاف الزميل داوود الشريان في برنامجه واجه الصحافة يوم الجمعة الماضي الدكتور عبدالله النفيسي لكي يتحدث عن المشروع الإيراني في منطقة الخليج وكالعادة كان عند الدكتور الكثير مما يريد أن يقوله لنا. الصداقة الإسرائيلية الإيرانية ليست بالأمر الجديد وما دعوى محاربة إسرائيل إلا نكتة غير مضحكة وبروباغاندا لا تسمن ولا تغني من جوع، والجزر الحبشية التي استأجرتها إيران لتدريب الحوثيين على القتال ثم العودة لليمن وممارسة الشغب هناك ما هي إلا غيض من فيض من العبث الفارسي في المنطقة، ولمن أراد الاستزادة عن هذا العبث فأنصحه بالعودة لكتاب الدكتور النفيسي «إيران والخليج : ديالكتيك الدمج والنبذ»، وغيره من الكتابات التي تساعد الباحث لكي يفهم الخلاف العميق في اللغة والأهداف بين الفرس والعرب، ولكي نتصور العقل الفارسي الذي يشعر بالفوقية تجاه العرب ويشعر أيضا بالكراهية والذي يستغل التشيع كحصان طروادة على حد تعبير النفيسي، لكي يمرر مشروعه الساعي للهيمنة. وها هي إيران تعبث في أنحاء من العالم العربي بهدف تشييع الشباب والدفع بهم لكي يكونوا أدوات في يد المشروع الصفوي، وها هي إيران تمد يدها حتى إلى المختلفين معها مذهبيا وتدعمهم بالمال لكي يكونوا أتباعا طيعين في يدها. الشيء المشرق في القصة وهو ما أعلن الدكتور النفيسي عن اغتباطه واعتزازه به وأنا أوافقه عليه، وهو ذلك الدخول المشرف لقوات درع الجزيرة إلى البحرين لحماية شقيقتنا البحرين من الابتلاع الإيراني برغم أن دخول قوات درع الجزيرة كان رغما عن إرادة إيران وإرادة أمريكا في الوقت نفسه. هذا الموقف الشجاع الذي قادته المملكة ودول الخليج كان يحوي «لاء» عريضة وشجاعة تستحق الافتخار، فقد وصلت منه رسالة واضحة، أن حمانا ليست سهلة ولا يمكن أن نسكت على الضيم، فارتد العدو خائبا وهو حسير، يقلب خفي حنين اللذين لن يجد من يشتريهما منه.