عندما قرر جلالة الملك فيصل تغمده الله برحمته التوسع في نشر تعليم المرأة ببناء مدارس في كل مدينة وقرية، أو عندما قرر جلالته رحمه الله إنشاء محطات للإرسال التلفزيوني في المدن الرئيسية، توافدت نخب من إحدى المناطق إلى الرياض في محاولة لمقابلة الفيصل عليه رحمة الله من أجل عدم رغبتهم في فتح مدارس للبنات بمدن منطقتهم، وكذا عدم قبولهم بإنشاء محطة إرسال تلفزيوني لديهم. وقد تفضل جلالته طيب الله ثراه، باستقبال نفر منهم وإعلامهم بأن مدارس البنات ستفتح ومن لا يرغب في تعليم بناته فلن يجبره أحد على ذلك، كما أن محطة التلفزيون ستفتح ومن لا يريد مشاهدة ما تبثه المحطة فما عليه إلا أن لا يشتري جهاز تلفزيون. ولكن ما إن تم فتح مدرسة وأخرى حتى سارعت كل مدينة وقرية في تلك المنطقة وغيرها بالمطالبة وبإلحاح بفتح مدارس للبنات لكي تلتحق بها بناتهم للتعلم ومواصلة الدراسة للمراحل التالية ثانوية، وجامعة، وابتعاث. كما أن التلفزيون الذي كان مرفوضاً أصبح منه في المنازل أكثر من جهاز، لما وجدوا فيه من منافع شتى. ومن قبل هذا وذاك أبدى الكثير من المشايخ رحمهم الله الاعتراض على استخدام التليفون، والمبرقات، وحتى اللباس العسكري للجنود وغير ذلك مما كان مستحدثاً غير أن مضي المؤسس رحمه الله في تنفيذ وإقرار ما يراه لصالح الوطن ومصلحة المواطن جعل أولئك المشايخ رحمهم الله يتراجعون عما أفتوا بتحريمه لعدم معرفتهم من قبل بجدوى استخدامه. لذا فإن الخلاف حول السماح للمرأة بقيادة السيارة وقد طال الجدل فيه بين مؤيدين، لما يرون في الموافقة عليه من منافع، ومعارضين وهم الأقلية يخشون المحاذير، فإن الأمر يتطلب التذرع بالصبر لبعض حين ولاسيما أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله كما ذكرت «عكاظ» يوم الجمعة 24/6/1432ه قد أكد في حديث سابق أن قرار قيادة المرأة للسيارة هو قرار اجتماعي، وأن دور الدولة هو توفير المناخ لأي قرار يراه المجتمع مناسباً وبما ينسجم مع مبادئ الشريعة الإسلامية وتعاليمها التي قامت عليها الدولة. وتضيف «عكاظ»: «أن الملك رعاه الله قال عندما خرجت المرأة إلى ميادين العمل هيأت لها الدولة البيئة الملائمة، ووفرت لها الظروف والإمكانيات التي تتفق وتقاليدنا الإسلامية العريقة ما أتاح لها أعلى الدرجات العلمية، وكذلك الأمر عندما خرجت المرأة إلى ميادين العمل طبيبة، وأستاذة، ومهندسة، وسيدة أعمال، وموظفة حكومية، وأيضاً في القطاع الخاص». وهكذا فإن الأمر كما ذكرت آنفاً يحتاج إلى شيء من الصبر لأن كل شيء بقدر، ولن يغني حذر من قدر. هذا وهناك فكرة سبق وأن طرحتها من سنوات وخلاصتها: أن نبدأ باستقدام سائقات من الخارج، وبذلك تتحقق ثلاثة مصالح، أما الأولى فهي أن السائقة تكون أيضاً خادمة بالمنزل، والثانية عدم الحاجة لتوفير سكن للسائق الرجل الذي نستقدمه، والثالثة امتصاص المشاكل التي تثيرها الخطوة الأولى لأي جديد من مشاكل فهل إلى ذلك من سبيل؟