العرب.. وجهة نظر يابانية، وجدت نفسي أعود لمراجعته الآن، مع الفوضى العربية وربيعها. أول مرة قرأته كان في العام 2005، وكنت قد اختطفته من الزميل تركي الدخيل. إنه لكاتب ياباني -نوبوأكي نوتوهارا- يشكل عين مراقب خارجي دقيق الملاحظة، زار أكثر من بلد عربي، ليقدم لنا صورة خارجية محايدة وناقدة، لدرجة يصعب معها أن نغطي عورتنا. يقول: إن الناس في شوارع المدن العربية ليسوا سعداء وليسوا مرتاحين سمعت صرخة في الجو الخانق الصامت وما زالت في أذني. وإن كان فساد بعض الحكام أمراً نتفق عليه، لكن يبدو أن فساد الشعوب يحتاج إلى حقه من التصوير: حيث المحسوبية والواسطة والفساد، في صورة من تواطؤ المجتمع بشكل غير معلن. من المطارات -مثلاً- حيث يتم تجاوز أرتال المسافرين، وصولاً إلى رشوة الموظفين، وتعرضه للغش من موظف بنك، ثم كيف عرض عليه موظف متحف شراء قطع آثار قديمة. لكنه لم يستطع أن يصدق كيف أن موظفاً اختاره وطنه ليحرس آثاره أن يخون تاريخه. «لقد فكرت طويلاً في ظاهرة تخريب الممتلكات العامة، وفهمت أن المواطن العربي يقرن بين الأملاك العامة والسلطة، وهو نفسياً في لا وعيه على الأقل ينتقم سلبياً من السلطة القمعية فيدمر بانتقامه وطنه ومجتمعه بدلاً من أن يدمر السلطة نفسها». وعن السجناء السياسيين يقول: إن الشعب لا يكترث بهم، ويتصرف مع قضية السجين السياسي على أنها قضية فردية وعلى أسرة السجين وحدها أن تواجه قدرها. وفي موقف العرب من الغرب، يشير إلى أن العرب عموماً ينتظرون من اليابانيين عداء عميقاً لأمريكا. «لكن طرح المسألة على هذا النحو لا يؤدي إلى شيء، علينا نحن اليابانيين أن نعي أخطاءنا في الحرب العالمية الثانية أولاً ثم نصحح هذه الأخطاء لأننا استعمرنا شعوباً آسيوية كثيرة (وكذلك فعلنا كعرب مسلمين). المشكلة ليست في الكراهية تجاه أمريكا أم لا. المشكلة في أن نعرف دورنا بصورة صحيحة ثم نمارس نقداً ذاتياً بلا مجاملة لأنفسنا، بعدئذ نختار الطريق الصحيح الذي يصحح الانحراف ويمنع تكراره. أما المشاعر وحدها فإنها مسألة شخصية محدودة لا تصنع مستقبلاً». لقد اكتشف أن الكتاب النجوم يتكلمون كأنهم سلطة، «حين يجلس أحد ما مع كاتب يتحدث عن الديمقراطية بلا تعب ثلاث ساعات، ولا يعطي مجالاً لأحد من الحاضرين بالكلام، عملياً يمارس الدكتاتورية أو في الأقل يمارس سلطة النجم ومع ذلك يشكو من غياب الديمقراطية في بلاده!». ثم يتساءل عن مستقبل العرب على مواجهة مشاكلهم كما فعل اليابانيون. ليقرر أن مشكلة العرب الأساسية التي يجب أن يوجهوها هي القمع المستشري في بيئتهم، وأن تأجيل هذا الأمر لن يزيد الأمور إلا سوءاً. إلى لقاء.