يحظى النمو السكاني باهتمام كبير لارتباطه بالتخطيط والتنمية والبيئة. فالنمو السكاني يؤثر في التنمية ويتأثر بمشروعاتها وفعالياتها. ومن منطلق أهمية النمو السكاني، سنكشف في هذه المقالة عن تفاوت معدلات النمو السكاني بين المناطق الإدارية والمحافظات في المملكة، بناء على بيانات آخر تعدادين للسكان والمساكن (أي في عامي 2004 و2010). وباستخدام هذه البيانات، يمكن حساب معدلات النمو السكاني السنوي على مستوى المملكة وفي كل منطقة إدارية ومحافظة، وذلك كإطلالة على نتائج دراسة سكانية ستنشر قريباً بإذن الله. فعلى مستوى المملكة، بلغ معدل النمو السنوي خلال الفترة 2004 2010 نحو 3.2 في المائة، وهو أعلى مما كان عليه في فترة ماضية (أي خلال الفترة 1992 2004). وبالمقارنة، يُقدر معدل نمو السكان السعوديين بنحو 2.2 في المائة، أي أن معدل نموهم أقل من المعدل العام لإجمالي السكان، وذلك لأن الزيادة في عدد السعوديين أقل من الزيادة في عدد السكان غير السعوديين خلال الفترة 2004 2010. أما بالنسبة للمناطق الإدارية، فقد جاءت منطقة الرياض في مقدمة المناطق الإدارية بمعدل نمو سنوي يصل إلى 3.88 في المائة، وتلتها الشرقية (3.59) ثم الجوف (3.51)، فنجران (3.31). أما أقل المناطق من حيث معدل النمو فهي مناطق: الباحة (1.5)، حائل (2.24)، وعسير (2.25). وهنا يبرز في الذهن التساؤل التالي: هل هذه المعدلات تدل على أن بعض المشروعات التنموية في نجرانوالجوف بدأت تؤتي أكلها في إحداث تنمية أكثر توازناً، مما أسهم في رفع معدل النمو السكاني فيهما، أم أن هناك عوامل أخرى وراء هذا النمو المرتفع؟ وعلى غير ما هو متوقع، جاءت منطقة نجران في المرتبة الثانية بعد منطقة الرياض من حيث نمو السكان السعوديين بمعدل وصل إلى نحو 2.54 في المائة، قد تجاوزتها منطقة الرياض بفارق بسيط جداً. وفي حين يُفسر النمو السكاني المرتفع في نجران بوجود الأنشطة التنموية فيها، إلى جانب الظروف الحدودية لهذه المنطقة، فإن النمو السكاني المرتفع في الرياض يعود إلى استمرار جذبها للمهاجرين من داخل المملكة لتوافر الفرص الوظيفية والاستثمارية فيها. أما بالنسبة للمحافظات، فقد ظهر تفاوت كبير فيما بينها. فهناك محافظات تميزت بمعدلات مرتفعة جداً، وأخرى شهدت تناقصاً في عدد سكانها. وقد تربعت محافظة الجبيل على رأس القائمة بمعدل نمو مرتفع جداً، يُقدر بنحو 9.4 في المائة، وجاءت في المرتبة الثانية أبوعريش (8.33) وأحد المسارحة (8.22) وصامطة (8.0) والليث (6.2)، والغاط (6.1). ويُلاحظ أن أربعا من هذه المحافظات ذات النمو السريع تقع في منطقة جازان. ومن اللافت للنظر أن أقل المحافظات نمواً تقع أيضاً في منطقة جازان، وهي محافظة الحرث ( 17) ومدينة جازان (مقر الإمارة)، وتأتي بعدهما محافظة حقل في منطقة تبوك. ومن أكثر هذه النتائج غرابة أن تشهد مدينة جازان تناقصاً كبيراً في عدد سكانها! وباختصار، في حين ارتفع معدل النمو لإجمالي سكان المملكة، فإن نمو عدد السكان غير السعوديين انخفض قليلاً، ومواصلاً اتجاهه نحو الانخفاض التدريجي مع تفاوت لافت للنظر بين المحافظات. ولا شك أن هذا التفاوت يعكس كثافة الأنشطة الاقتصادية وكثرة المشروعات التنموية أو ندرتها، إلى جانب بعض الظروف الخاصة التي مرت بها بعض المحافظات، خاصة في جنوب المملكة. وبوجه عام، يُعد معدل النمو لإجمالي السكان مرتفعاً مقارنة بالمعدل العام لنمو السكان على مستوى العالم الذي لا يتجاوز 1 في المائة بكثير