جاءت أغلب الردود والرسائل على المقال الذي تحدثت فيه عن خطبة الجمعة للشيخ الدكتور محمد العريفي باتجاهين، الأول أقل أهمية وهي الرسائل التي حملت الدعاء على كاتب المقال، وأغلبها تطالب ب «اللهم شل يمينه»، مع أني كثيرا ما حاولت أن أصحح لهؤلاء الإخوة الغاضبين بأني أشول، وأن عليهم ألا يهدروا دعواتهم دون أن يتحقق هدف عدم الكتابة، لكن لا أمل في بعضهم، ربما لأنهم مبرمجون على هذه الجملة/ الموجة. الاتجاه الآخر والذي يستحق التوقف أمامه، أن البعض يرى ما قاله الشيخ الدكتور العريفي يدخل ضمن الرأي الآخر، وأن من حقه أن يعبر عن رأيه، طالما كتاب الصحيفتين يعبرون عن أرائهم. وهذه الرؤية لدى البعض تجعلني أتساءل: هل باقي أئمة المساجد في المملكة ينهجون نهج الشيخ الدكتور العريفي في خطبة الجمعة، فيتهمون من يريدون بضمائرهم وأخلاقهم ويخوفونهم؟ هذا السؤال هو مفتاح لمعرفة الأسباب التي جعلت البعض يخلط بين الاختلاف والرأي والرأي الآخر وبين اتهام الناس بضمائرهم. بعيدا عن هذا السؤال المفتاح، نحن يمكن لنا أن نختلف في رؤيتنا مع الآخر، وأن نرى عملا ما سيضر فيما الآخر يرى أنه لن يضر، وهذا الاختلاف لا يسمح لنا أو له أن نطرح أخلاق وضمير من اختلف معنا، ولم يتبن رأينا، ونتهمه بأنه باع ضميره دون أن نملك دليلا ماديا يؤكد لنا هذا. وإن غير الآخر رأيه السابق، فهو ربما أعاد النظر في فكرته السابقة، كما حدث للشيخ «العريفي» الذي كان يعتقد أن قناة (LBC) فاسدة ومن يشاهدها فهو آثم، ثم وبعد فترة أعاد الشيخ «العريفي» النظر في رأيه هذا، ووقع عقدا معها، وأصبح يظهر في القناة، ومع هذا لا يحق لنا أن نتهم الشيخ، فالإنسان ينتقل من رأي لرأي كلما اتضحت له الرؤية، وأن رأيه السابق خاطئ. أخيرا .. هل ستلجأ صحيفتا «عكاظ» و«الرياض» إلى القانون، وتأخذان الشيخ العريفي للقضاء، لأن الشيخ لم يحدد كاتبا معينا، لكنه حدد الصحيفتين بالاسم، وبما أن الصحيفتين هما من وقعتا عقودا مع كتابهما، فهو اتهم الكتاب بأنهم إن لم يكتبوا ما طلب منهم لن تدفع لهم الأموال، بمعنى أنه اتهم «عكاظ والرياض» بالخيانة أيضا؟ إن فعلت الصحيفتان هذا، فهما هنا لا يدافعان عن أنفسهما ولا عن كتابهما فقط، بل سيتم تصحيح رؤية الكثير الذين يعتقدون أن القذف نوع من أنواع الرأي الآخر، ويمكن التعاطي معه بهذه الطريقة.