صالح محمد الجاسر - الاقتصادية السعودية العلاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران علاقة ملتبسة وغير واضحة، دول مجلس التعاون ترى أن إيران دولة إسلامية شقيقة، وجارة تشارك دول المجلس في الموقع الجغرافي، ويجب أن تكون العلاقات معها علاقات قائمة على الاحترام المتبادل، والحرص على البعد عن كل ما يثير نزاعاً، أو يحدث فتنة، وإيران ترى أن هذا الموقف من دول المجلس دليلُ ضعف يجب أن يستغل لتنفيذ مخططاتها للهيمنة على المنطقة. دول مجلس التعاون تتساهل مع اختراقات إيرانية كثيرة لأمنها، وتقدم حسن النية فلا تعلن عن هذه الاختراقات رغم خطورتها، وتحرص على البعد عن وقوع مواجهة مع إيران، وفي المقابل ترى إيران أن هذا السكوت عن اختراقاتها، إما أنه دليل على غفلة دول المجلس عن هذا الاختراق، أو دليل على الضعف والعجز عن المواجهة، وبقدر ما تقدم دول مجلس التعاون ما يدل على حسن النية، يكون الفهم الخاطئ من إيران، سبباً في الاندفاع نحو تحقيق مزيد من المكاسب على الأرض. دول مجلس التعاون سكتت كثيراً عن حوادث أمنية خطيرة كانت إيران طرفا فيها، وسكتت أكثر عن عمليات تحريض واضحة عبر استغلال الورقة الطائفية لإيقاع الشقاق في دول الخليج، وعبر ما تبثه أجهزة إعلامها من أكاذيب، بل وعبر اختراق واضح لإعلام بعض دول المجلس، وكان هذا السكوت سبباً في مزيد من الاندفاع الإيراني. حينما أنشأت إيران قناة العالم ورعت عديد من القنوات الفضائية الدائرة في فلكها توجها وتمويلا، لم تكن تهدف من وراء ذلك إلى مزيد من التقارب مع العالم العربي، وإنما أنشأتها لتكون ذراعاً إعلامية تخدم المشروع الإيراني، وتتهجم على كل من يقف في وجه هذا المشروع، ولهذا رأينا هذه القناة وتوابعها تمارس تحريضاً مكشوفاً وواضحاً ضد المملكة العربية السعودية، وتستعين في سبيل ذلك بكل من يحمل في نفسه حقداً على المملكة، أو يسعى إلى الاسترزاق عبر الهجوم عليها، ورغم ذلك لم نر بياناً واحداً يعتبر هذا التحريض الواضح والممنهج على الفتنة نوعاً من العداء، أو لعباً بالنار، بل كان السكوت على هذه التصرفات سبباً في تمادي إيران، والوصول إلى مرحلة ترى فيها أنها المتصرف الوحيد في شؤون المنطقة. وعندما جاءت أزمة البحرين، واتضح الدور الإيراني فيها، ودخلت قوات درع الجزيرة، شعرت إيران أن ما كانت تخطط له منذ سنوات قد بدأ يتهاوى، فدفعت بكل ما أوتيت من قوة إعلامية للهجوم على المملكة، ثم اتضح عمق المخطط الإيراني بما كشف عنه من خلايا تقوم بأعمال التجسس في دولة الكويت. إن تسامح دول مجلس التعاون وغضها الطرف عن ما تقوم به إيران من أعمال عدائية، بل ونفي ما يتسرب من أخبار عنها، كان أحد أسباب تمادي إيران، حتى وصلت إلى مرحلة زرع شبكات تجسس، بعضها مسلح، ورعاية هذه الشبكات والإشراف عليها من قبل مسؤولين إيرانيين. ولهذا فلعل ما صدر عن الاجتماع الوزاري الخليجي من بيان موحد يدين ويرفض تدخل إيران في شؤون دول المجلس بداية لتصحيح العلاقة بين الطرفين، واقتناعاً من دول المجلس، بأن لا أحد منها في منأى عن الأطماع الإيرانية مهما أبدى من حسن النية.