د. فايز بن عبدالله الشهري - الرياض السعودية "أنا مش بطل ..كنت بكتب على الكي بورد .. دي ثورة شباب الانترنت... كانوا يسمونا زمان عيال الفيس بوك" كانت هذه بعض كلمات الشاب المصري وائل غنيم في لقائه التلفزيوني. وائل الشاب يعد من أوائل من بذر بذور مظاهرات القاهرة من خلال صفحة "كلنا خالد سعيد" على صفحة "الفيس بوك" التي بلغ عدد اعضائها 687,949 عضوا. "وائل" مثل مئات الموجّهين للحركة الشبابية المصرية لم يكن مهمّشا أو منتميا لتيّار بل ابن طبقة متوسطة وخرّيج الجامعة الأمريكية يعيش حياته كموظف مرموق في "دبي" في فرع شركة "قوقل" العالمية. الواضح أنّ "وائل " في حواره ونشاطه يعكس نمط التفكير المثالي لجيل قادم يتميّز بأنّ له القدرة على تحريك الآلاف من خلال لوحة المفاتيح. وهو ذات الجيل الذي أسهم بقوّة في فوز "اوباما" الأسود على "العتاولة" البيض في عقر دارهم من خلال الانترنت. كنتُ كتبتُ مقالة في هذه الزاوية قبل سبع سنوات (9/11/2003) بعنوان " الانترنتيون قادمون" وافتتحت كلامي حينها بهذه العبارات "من المهم أن يستعد كل في مجاله، فالانترنتيون قادمون، وهم من كل حدب يظهرون" ثم أتبعتها بعد اربع سنوات (1/4/2007) بمقالة اخرى بعنوان " الخطر القادم: الثقافة السياسية الإلكترونية" وحاولت حينها تركيب بعض اجزاء صورة الوعي السياسي للشباب على شبكة الانترنت وختمتُ المقالة آنذاك بسؤال نصه: "هل تُشكّل مصادر التثقيف السياسي الإلكترونية (الإنترنت والفضائيات العربية) مواد صالحة (للبناء) الثقافي وتأسيس وعي جيل يمكن أن يشارك في بناء مستقبله؟ وقد حاولت الاجابة حينها وقلت "إذا كان الجواب نعم ..فلنستمر.. وإن كان غير ذلك فماذا نفعل ..كيف.. ومتى؟" إذاً لا غرابة ولا مفاجأة عند من يَرصد ويتابع حراك شباب العصر الالكتروني حينما يشاهد جموع الشباب تهدر ثائرة عصيّة وهي تصرخ في وجه كل شيء ولا تقبل انصاف الحلول بعدما فقدت الثقة في كل من حولها. رأيناهم في عواصم كثيرة قبل تونسوالقاهرة وهم يفاجئون الجميع بأصواتهم ومسيراتهم ليطفئوا ظمأ الأسئلة بعد أن يئسوا من فقدان الرؤية عند من يقودون مستقبلهم. المؤكد أن هؤلاء الشباب قد تشكّلت معظم قناعاتهم ووعيهم الفكري خارج سياق التفكير المجتمعي الرتيب فهم يتواصلون فيما بينهم بلا طبقيات ويتثاقفون دون تصنيف. يتداعون لما يؤمنون به وبدون تراتبية قيادية يلتقون ويتذاكرون خلف الشاشات الزرقاء بلا قيود. والغريب العجيب هنا أن المؤسسات السياسيّة العربية وقبلها المراكز البحثية لم تستطع استيعاب فكرة ولادة جيل مختلف وأن الحضور المتنامي للشبكة العنكبوتية في حياة الناس يكفي لبناء وعي أجيال من (الصغار) الحانقين على الجمود والقطيعة مع الواقع وبالتالي إخراجهم من تجمعاتهم الافتراضية الى ساحات الواقع الطبيعي وهم عازمون بثقافة اجهزتهم على (فرمتة) الأوضاع وإعادة تهيئة (انستال) وبرمجة كل ما افسده الكبار. ** مسارات قال ومضى: سيدي .. لستُ ممن ينتفع من مهنة (التخدير) فلا يُغضبك منّي علو الصوت (بالتحذير)...