لاشك في أن تجويع المواطنين بحرمانهم من الحصول على الوظائف المقرّة من الدولة عبر حبس تلك الوظائف في أدراج بعض المسؤولين، يُعد جريمة في حق الوطن والمواطن يمكن أن ترقى إلى درجة الخيانة الوطنية، خصوصاً أن إشكالية البطالة مرتبطة غالباً بإشكاليات أكبر، كتفشي الجريمة، وانتشار المخدرات، والعنف الأسري، أو باختصار ضرب المجتمع كاملاً، وتحويل أفراده إلى قنابل موقوتة، وهذا ما يجب أن يدركه الجميع، بعد التصريح الخطر الذي نشرته «الحياة» لرئيس لجنة الإدارة والموارد البشرية في مجلس الشورى الدكتور فهاد الحمد، عندما أكد أن اجتماعاً ضم أعضاء اللجنة بمسؤولين في وزارة الخدمة المدنية، وكشف عن وجود «110389» وظيفة شاغرة في الجهات الحكومية، مشيراً إلى أن تلك الوظائف الشاغرة موجودة في الجهات الحكومية المسؤولة عنها وزارة الخدمة المدنية، كالوظائف العامة والتعليمية والصحية.وقد أكد «الفهاد» في تصريحه أن الاجتماع مع مسؤولي وزارة الخدمة المدنية، وعلى رأسهم نائب وزير الخدمة المدنية عبدالرحمن العبدالقادر، بيّن أن الوزارة تتولى إجراءات شغر تلك الوظائف، ولكن عندما تطلب الجهات الحكومية منها ذلك»، مشدداً على أن دور وزارة الخدمة المدنية يجب ألا يتوقف عند ذلك، بل يجب تحريك الموقف، إما بالضغط على تلك الجهات الحكومية، أو الرفع للمقام السامي وتوضيح الموقف.حسناً لنقلها ب «الفم المليان»، كما يقولها البسطاء في الشوارع والمجالس اليوم: يا سادة يا كرام هذه الوظائف المحتجزة في أدراج مسؤولي تلك الجهات مخصصة لأقارب ومعارف أولئك المسؤولين في الغالب، وهذا ينطوي على ظلم اجتماعي فظيع، إن لم يتم فتح التحقيق في هذه القضية فوراً، ومحاسبة كل مسؤول عن سبب بقاء تلك الوظائف شاغرة في الجهة التي يشرف عليها، فيما يرزح آلاف السعوديين والسعوديات تحت وطأة البطالة والفقر وما يتبعهما من إشكاليات.كما يجب أن يفتح ملف التحقيق مع وزارة الخدمة المدنية، التي تراخت في أداء واجبها، وصمتت طوال الفترة الماضية عن هذا الوضع، وليس من الجدير بنا تبرئتها، لكونها لا تزال تنتظر أن ترفع لها تلك الجهات طلبات لشغل وظائفها الشاغرة، فالمثل العامي يقول «قالوا لفرعون من فرعنك... قال ما لقيت أحد يردني»، وهذا ينطبق تماماً على أصحاب الأدراج المليئة بالوظائف الحكومية الشاغرة، فهم لم يجدوا «من يردهم» عن احتجاز أحلام ومستقبل 110389 سعودياً وسعودية.إننا اليوم في عهد الشفافية والمحاسبة... عهد «الملك عبدالله بن عبدالعزيز»، أطال الله في عمره ورده إلى وطنه وشعبه سالماً معافى، ويجب أن يفهم كل مسؤول أن يد المحاسبة ستطاله عاجلاً أم آجلاً، وأن احتجاز الوظائف في أدراج المكاتب لسبب أو آخر خيانة للأمانة وللوطن، ولذلك فعلى كل متورط في هذا الأمر أن يسعى فوراً ويبادر بنفسه لإخلاء مسؤوليته والرفع لوزارة الخدمة المدنية بما لديه، وإلا فإن الناس لن يلاموا غداً، إن لاحقوه هو ووزارته قضائياً، أو توجهوا لوالد الجميع خادم الحرمين الشريفين وهم يحملون قائمة بأسماء المسؤولين المتورطين