في خبرين متجاورين تماماً، وعلى الصفحة التاسعة من عدد أمس لهذه الصحيفة يبدو النقيضان. الأول: 40 ألفاً أغرت رجل أمن بالخيانة والنكث بالقسم العسكري، وهو يعترف بتهريب المخدرات إلى داخل العنابر في سجن مدينة نجران. الثاني: سمو مساعد وزير الدفاع والطيران يكرم جندياً مواطناً شريفاً لأنه رفض قبول رشوة مالية ضخمة ولم يذكر الخبر تفاصيل رفضه لهذه الرشوة. وكل القصة في الاحتفاظ بالاسم في الخبر الأول، رغم أن أقسى العقوبات على الإطلاق، وبالخصوص في بيئتنا هي العقوبة الاجتماعية. الرجل أدلى باعترافاته وفوق هذا فقد صدق قاضي المحكمة على العقوبة وأصدر الحكم، ولهذا فمن حق المجتمع من حولنا أن يفضح ممارسة بالغة الخطورة تم بموجبها إدخال 1055 حبة كبتاجون و220 جراماً من الحشيش إلى داخل السجن. هذه الأرقام المذهلة لا تدل إلا على جرأة. مئات الآباء بعد اليوم لن يطمئنوا على أولادهم لا في الشوارع ولا المدارس، بل حتى في داخل السجن حيث يفترض أنه المكان الأكثر أماناً وحراسة وإشرافاً ويقظة. وفي الخبرين المتجاورين المتناقضين ما الذي كسبه الجندي الشريف الذي رفض قبول الرشوة إذا كان الخبر المجاور يحتفظ باسم جندي مقابل استمرأ قبول رشوة؟ سيكون الاحتفاظ بالاسم مطلوباً إذا ما كان انتهاكه يتعرض لأعراض الناس وشرفهم وأنسابهم، لكن هؤلاء يدمرون مجتمعاتنا، لأنهم يعلمون أن أقصى العقوبة سيظل اسمه فيها حبيسا لمحاضر التحقيق. أنا لا أجد فارقاً نوعياً في المكافأة أو العقوبة بين قابل الرشوة وبين رافضها. لم أقرأ يوماً أسماء بائعي الخمور والمسكرات ولم أشاهد صور أصحاب مصانعها. لم أقف أبداً في حياتي على تنفيذ عقوبة لتجار السموم، وكل ما أطالب به اليوم أن نفضح أسماءهم على لوحة الإعلان الإلكترونية بمدخل المدينة. إنها أهم من دعاية الحليب.