في العادة، أكتفي بمقال – الأحد – في صفحة الرأي للتعبير عن القضايا الفكرية. ولا أعتقد أن مقالا يعكس صورتي واتجاهاتي مثلما هو – الأحد –، وقد تركت بقية الأسبوع لقضايا المجتمع التنموية والإدارية. وحتى حين اقترح صديق عزيز إعادة ربط وبلورة وإخراج مقالات – الأحد – في سلسلة كتب لم أتحمس للفكرة لسببين: الأول، لأنني لا أحبذ إعادة إنتاج ما سبق له أن أنتج، والثاني، لأن أنصاف القراء، واسمحوا لي، أيضا بعض جهلة التأويل، ستعطيهم هذه السلسلة صورتي في كثافة مركزة، وهم في الأصل من يتعمدون – قراءة مزورة- للأفكار وللكاتب. ومن المؤكد، والمشرق في آن، أن رحلة الوعي في تدارس الأفكار باتت مدهشة أستطيع قياسها في حجم ردة الفعل منذ بدء مشواري مع الكتابة بالمقارنة مع هذه اللحظة. أنا مؤمن تماما أنني لم أتغير مطلقا في موقفي من القضايا الجدلية الشائكة وكل ما تغير هو حالة الاستيقاظ الجمعي. نحن كسبنا الرهان بالبرهان مع الجيل الجديد ونادرا ما يتحدث عن هذا الرهان كاتب بكل شجاعة. تستفزني بلذة بعض الرسائل أو التعليقات حول المقالات الفكرية، وهي تختصر رسالتها أو توجهها في الجملة المتداولة (دع عنك نقاش العلماء أو الخوض في مسائل الدين)، وآخر ما قرأت مثل هذا مساء البارحة. الحديث عند هؤلاء عن الحرية مثلا هو حديث في صلب الدين. نقاش الأدلجة المناهجية يصب عندهم في قلب الخطاب الديني. الحديث عن الحوار أو التلاقح بالانفتاح مع مجتمعات الكون يعتبرونه إخلالا بتعاليم الدين. حقوق المرأة بفهمهم عقيدة لا يجوز منها الاقتراب. الحديث عن فكرة مثل الإرهاب والضلال مجرد فتنة نزع الله منها أيدينا فلننزع منها أقلامنا، لأن أي حديث عن الإرهاب لا بد أن يشرِّح فهما مغلوطا لأهله عن الدين. الحوار مع شيخ أو عالم حول قضية عامة هو أكل للحم مسموم رغم أن مفردة (العالم) أو الشيخ بحد ذاتها مرتبة من الحوار والردود، وكلنا بلا استثناء يؤخذ من كلامه ويرد. الفهم السقيم للدين هو ألا تعرف حدود ذات الدين و ألا تدرك ما هو ديني صرف لا مجال فيه للاقتراب والاجتهاد. الفهم السقيم للدين أن تظن أن كل فكرة شائكة تقرأ حولها تعود للدين رغم أن مسائل الدنيا متروكة للبصيرة. سأترك العنوان بعاليه بشرط: أن يثبت لي فرد واحد أنني كتبت فيما لا تصح فيه الكتابة.