يقول أحد القراء: «هل أنت ليبرالي ؟»، ثم وبعد أن يطرح السؤال يقدم أسفه وحزنه وتعاطفه معي، ويدعو لي بالهداية، وأن أعود إلى الصراط المستقيم إن كنت من أولئك الذين ضلوا وغيروا دينهم واعتنقوا الدين الجديد «الليبرالية» في نظره. بعد السؤال والتعاطف والدعاء الصادق من القارئ المحب، يؤكد أنه لا يعرف الكثير عن «الليبرالية» سوى أنها وكما قال البعض ضد الإسلام، وتحاربه كما يسمع من البعض. وإلى هذا القارئ الرائع والمحب، والذي لا يعرف الكثير عن الليبرالية، أقول له: إن الليبرالية ليست دينا ولا هي ضد الأديان كما يحاول البعض إيهام الناس، بقدر ما هي ضد الطغيان. الليبرالية وباختصار شديد هي مجموعة من القواعد يعتقد منظروها أنها تساعد على حياة أفضل للمجتمع، مع إعطاء الأولية للفرد وليس المجتمع، أي هي تحترم حرية الفرد داخل إطار قانوني وليس أخلاقي، لأن الأخلاقي عادة ما يكون غير واضح، وأن ما يراه البعض أخلاقيا قد يكون لا أخلاقيا عند الآخر، فعلى سبيل المثال كان بوش أو حزبه يروجون قصصا كاذبة على الرئيس كلينتون، بصفته ليبراليا يريد إفساد «أخلاق المسيحيين»، وليحافظوا على الأخلاق يمارسون عملا لا أخلاقيا وهو الكذب. ليس معنى هذا أن الليبرالية بلا قيم ولا أخلاق كما يروج المحافظون، فالمنظرون لها يؤكدون أن الليبرالية لا تعني أن يفعل الفرد ما بدا له، بل هي ترتكز على مجموعة من المبادئ: «الفرد على أنه أهم من أي جماعة الحرية على ألا يساء للآخر العقل أو العقلانية مرجع للإنسان العدالة وهي قائمة على المساواة بين الجميع التسامح مع الآخر أو التعددية». وأكبر اعتراض موجه من المحافظين على هذه القواعد في مسألة «العقل مرجع للإنسان»، فهم يرون أن المرجع النهائي النص أو الكتاب المقدس لكل دين وليس عقل الإنسان. وهذه القضية مثار جدل، فأحد منظري الليبرالية يطرح سؤالا مهما في هذا الصدد إذ يسأل: «وما المرجع في فهم النص الكتاب المقدس أليس عقل عالم الدين؟». أخيرا .. إجابتي على سؤال القارئ: لست ليبراليا، لكني مع الحرية على ألا يساء للآخر، والعدالة أو المساواة بين الجميع في الحقوق، والتسامح أو التعددية، وألا يضطهد المجتمع الفرد؛ لأن الإسلام يطالب بهذه الأمور.