د.يوسف بن أحمد القاسم - الاقتصادية السعودية أجيالنا.. ما دامت هي الدماء التي تجري في عروقنا، والنبض الذي يخفق في سويداء قلوبنا، فمن حقنا إذن أن نرفض وجود أي عينات تسيء إلى مدارسنا، أو إلى أجيالنا، وأن نطالب بالارتقاء بكفاءة مدرسي التعليم العام - تماما كضرورة الارتقاء بكفاءة أساتذة التعليم العالي - لأن هؤلاء المدرسين والأساتذة هم الأمناء على الأجيال، وهم مشيّدو قامات العلم والفكر، وحماة العرين من عوادي التلوث الثقافي والفكري والأخلاقي؛ لذا فمعالجة الأوضاع السلبية في مدارسنا بشتى أنواعها، والارتقاء بمستواها التعليمي والتربوي يجب أن يكون هاجسا في قلوب صناع القرار، يظهر أثره في القرارات التعليمية والتربوية، وتبدو نتائجه واضحة للمعنيين من مديرين ومدرسين ومشرفين وطلاب وأولياء أمور وغيرهم.. لقد قام ولاة الأمر بتغيير مسمى "وزارة المعارف" إلى "وزارة التربية والتعليم"؛ لتكون التربية والتعليم صنوين سياميين لا ينفصلان، يرتقي كل واحد منهما بالآخر في مجال العلم والسلوك، فلا يتقدم التعليم مخلفا وراءه التربية، ولا العكس، وبهذا يتحقق الهدف من إنشاء هذه الوزارة، وتصب المليارات المصروفة لها من ميزانية الدولة في خطها الصحيح. ومن هنا، فإنه لا بد من استحضار الأهداف الرئيسة التي أنشئت لأجلها الوزارة؛ حتى لا يكون الروتين سببا في نسيان الأهداف، ولئلا تكون بعض الأقلام النشاز دافعا من دوافع التغيير للأسوأ، لا العكس..! وإذا اتضحت الأهداف - وأبرزها النهوض بالمستويين التعليمي والتربوي للأجيال الحاضرة والقادمة، والرقي بها إلى مستوى الكمال البشري - فإنه ينبغي أن تكون آليات العمل لخدمة هذه الأهداف منطقية وواضحة وفاعلة، وتراعي ترتيب الأولويات، والموازنة بين الضروريات والحاجيات والتحسينيات، فلا يخدم الحاجي ويفوت الضروري، أو يخدم التحسيني ويفوت الحاجي، بل توضع الأولويات في سلم واضح، ومحدد، يحترم الأدنى الأعلى، ويكون لدى الوزارة لجان مراقبة فاعلة وأمينة، تراقب خضوع الآليات للأهداف، وذلها لها، وانطراحها بين يديها. أما حين تنقلب المعادلة، فتوليها ظهرها، أو تترفع عليها، أو حين تنطمس الأولويات أو تكاد، فهنا يجب الوقوف؛ من أجل المحاسبة والمراجعة، ولا سيما ونحن في ظل عام جديد، من أجل أن يتجدد الحال، وتتحرك المياه الراكدة، لحال أفضل، وغد مشرق، وبهذه المناسبة ألتمس من المسؤولين والمعنيين في وزارة التربية والتعليم الاهتمام بالنقاط الآتية: 1- تعيين الكفاءات في مراكز صنع القرارات، وفي الجهات الإدارية والتعليمية، ودعمهم بالممكن من وسائل الدعم المادي والمعنوي. 2- العناية بلجان قبول المعلمين؛ بحيث لا يعبر هذه اللجان، ولا يجتاز هذه المقابلات إلا من يوثق بكفاءته وخلقه. 3- تكثيف الرقابة على المعلمين في قاعات التدريس، وانتقاء الأكْفاء للقيام بعملية الرقابة، من أجل استبعاد من لا يحسن إلا قراءة الكتاب للطلبة، أو ترديد المعلومات المدونة في المقرر كالببغاء، أو لا يجيد إلا تمرير الوقت بغير المفيد. 4- تطوير كفاءة المعلمين الموجودين على رأس العمل، وربط ترقيات المدرسين بعدد من الدورات المهمة التي تتبناها الوزارة، وتقليل ساعات التدريس لمن يشارك في هذه الدورات، مع إتاحتها بمقررات قريبة من المدارس المستهدفة. 5- وضع برامج نشطة تعليمية وتربوية في سائر المدارس، من أجل كسر الروتين، وتحفيز همم الطلاب بما يرتقي بمستواهم التعليمي والتربوي، وكل نهوض علمي وتربوي يفرز رقيا في هذين المجالين، وطردا لما يناقضهما، من تخلف علمي، وانتكاس سلوكي. 6- تحفيز البيئة التعليمية والتربوية بالمكافآت والجوائز للمتميزين من الإداريين والمعلمين والطلاب، وإشهارهم بوسائل النشر المناسبة. 7- مساءلة من يتقاعس عن واجبه التعليمي، وإنذاره بالممكن والمناسب من وسائل الإنذار، واتخاذ الإجراءات الكافية لمعالجة هذه المشكلة. 8- معالجة ما يستجد من مشاكل أخلاقية أو سلوكية، سواء من الطالب أو المعلم، ومعاقبة من يستحق العقوبة؛ لأن المدارس ينبغي أن تكون محضنا للأخلاق الحميدة، وبيئة تعليمية نظيفة من كل ما يعكر صفوها، فشعور الطالب والمعلم بالراحة والآمان حين يغدوان ويروحان إلى المدرسة، يعمق العلاقة بين الطرفين، ويبني جسورا من الرحمة والمودة والاحترام، أما حين تكون العلاقة هشة، أو حين تتفصد بفعل بعض الممارسات - لا سمح الله - فإن ذلك ينعكس سلبا على العملية التعليمية والتربوية برمتها.