بعد الفوز المبهج والمفرح بتنظيم قطر الشقيقة لنهائيات كأس العالم 2022م كعادتنا انغلقنا بنقد الذات بطريقة عشوائية ودرامية، عقدنا المقارنات وعددنا السلبيات وتنافسنا بالتنظير والكل يدلو بدلوه، لم ننظر للأمر بأسلوب حضاري، تخيلنا أنفسنا كمنظمين لكأس العالم وقدرتنا ببساطة على ذلك، حتى أصبح الحديث الأبرز بهذا الخصوص أن الكثيرين ألقوا التهم بسبب انشغالنا منذ زمن بقضية السينما وقيادة المرأة وأخيراً وليس آخراً عمل المرأة ككاشيرة أو أمينة صندوق! لأن تفكيرنا عشوائي نستطيع أن نهز سلة متكاملة ومنوعة من اللوم ونقد الآخرين، الإشكالية أننا فعلاً انشغلنا بهذه القضايا ليس لأهميتها ولكن لفقر التخطيط والمسؤولية التي أصبحت من أبرز سماتنا، لا أعلم ما الرابط بفوز قطر وانشغالنا بالسينما، الأمر لا علاقة له بالآخر سوى أننا جاهزون للحديث عن كل شيء وفي كل شيء، وصلنا لمرحلة أن رددنا "ارفع راسك أنت سعودي" لأننا ننظم الحج في كل عام وبنجاح، هنا مصيبة كبيرة في المقارنة والتفكير السطحي، كيف نصل بالتفكير الأهوج للمقارنة بركن إسلامي عظيم ببطولة رياضية بكرة القدم، هنا المنطق لا يقبل هذا التفكير ولكن نحن كعادتنا فوق المنطق والإبداع. مضحك ومؤلم أن أتحدث مرة أخرى وبعد سنوات عن السينما ودورها التثقيفي والترفيهي في حياة السعوديين، مبكي جداً أن نكون أكثر دول العالم اشتراكاً بالقنوات المشفرة، ومبكي جداً أن نصنف من أهم متابعي ومشاهدي أحدث الأفلام العالمية والعربية حتى ولو كسرنا حقوق الملكية الفكرية وتداولنا الأفلام المنسوخة والأفلام المصورة من دور السينما بكاميرا الهاتف الجوال، متى سنصل لمرحلة نكون صادقين فيها مع أنفسنا؟ التحريم جاهز والمبررات أكثر جاهزية، والنتيجة أننا مازلنا نراوح في مكاننا، تضحك بشدة عندما يتحدث البعض أن تقدمنا ونهضتنا توقفا بسبب انشغالنا بقضايا تافهة، كل واحد فينا يضع كلمة "تافهة" على كل أمر لا يهمه، تعودنا أن نكون أكثر أنانية مع انفسنا قبل الآخرين، لا يوجد لدينا بعد نظر في طريقة تفكيرنا المستقبلي، التفكير والمنطق لدينا موقت وبدون هوية، نربط عنف امرأة مع عاملتها المنزلية بسبب السينما وعمل المرأة ككاشيرة، لا ننظر للأمور بتفكير واع ونتحدث بأسلوب الاعتراف بالإيجابيات والسلبيات، اعتدنا أنك سيىء الظن لأنك تخالفني بمثالية، في برنامج "يوم جديد" على قناة الدانة مع الزميلة إلهام يوسف حاولت أن أعرف التطور المفترض لمساعدة الشباب على الزواج في مشروع ابن باز رحمه الله، فجاءني أحدهم باندفاع شديد ليلقي علي تهمة التقليل من شأن هذه المساعدة والغريب كالعادة إقحام ولي الأمر في أمر لا يستدعي ذلك. نعم السينما ومناقشتها مهما حاولنا أن نخفي الحقائق مهمة ترفيهياً وثقافياً بالنسبة لنا على جميع المستويات، لأن الكثير من الشباب ملوا من مدرجات كرة القدم وشبعوا من المشاحنات والمضاربات التي تحدث في شوارعنا الرئيسية بعد كل مباراة وآخرها ما شاهدته مؤخراً بعد مباراة منتخبنا والإمارات، لنناقش موضوع السينما بوعي ثقافي، ولنجعل دورها التثقيفي والترفيهي ملموساً بمجتمعنا، وإلا سنجد من حولنا يتسابقون على التفكير المستقبلي ونحن نتحاور بفكر اتهامي في السينما وقيادة المرأة، كل قضية في مجتمعنا مهمة لو حاولنا أن نكون عقلانيين بتفكيرنا ومنطقيين في التعامل مع واقعنا، ألم أقل لكم ان الحديث عن السينما هو سبب تقوقعنا؟ لا تعليق!